Sharh Lum'at al-I'tiqad - Nasser al-Aql
شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل
Nau'ikan
التسليم والقبول لما ورد من الأسماء والصفات وعدم التأويل والرد لها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل].
وهذه قاعدة خامسة ترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل، وقصده بذلك أن ما ورد من أسماء الله وصفاته يمر كما جاء مع الإيمان بأنه حق على حقيقته كما يليق بجلال الله ﷿، ولا يُتعرض لألفاظ أسماء الله وصفاته وأفعاله، لا بتشكيك ولا باعتراض ولا بسؤال تعنّت ولا بسؤال عن الكيفية، ولا برد للفظ ولا للفظ والمعنى، ولا للمعنى، الرد يشمل اللفظ، ويشمل المعنى، ويشمل المعنى واللفظ جميعًا فإن من رد اللفظ وآمن بالمعنى فقد اختل تسليمه كما يفعل المؤولة والأشاعرة الماتريدية، فمثلًا إذا جاء قوله: ﴿يَدُ اللَّهِ﴾ [الفتح:١٠] قالوا: المقصود به النعمة، إذًا فقد نفوا كلمة (يد) فهم يردون اللفظ ويثبتون المعنى وهذا خلل، والعكس عند المفوضة إذ يقولون: نؤمن بأن هذا اللفظ قاله الله ﷿ لكن لا نعرف أن له معنى ولا له حقيقة، وهذا تفويض بمعنى التعطيل، وقد قال السلف بأنه كفر، والأول ضلالة وخطأ، أي التسليم بالمعنى دون اللفظ.
إذًا: لا يُتعرض له برد، والرد -كما قلت- يشمل رد اللفظ، ورد اللفظ والمعنى، ورد المعنى.
وكذلك التأويل وهو نوع من الرد، والتأويل بمعنى العدول عن إثبات ألفاظ أسماء الله وصفاته ومعانيها إلى معان أخرى يتوهمها المتكلم أو يتوهمها المؤول، وسيأتي لهذا أمثلة لكن لا مانع من ضرب مثال الآن من أجل الإيضاح.
مثلًا: المؤولة لم يثبتوا أن الله ﷿ استوى على العرش، فإذا جاء قوله ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] لا يثبتون الاستواء ويقولون: المقصود استولى، ويسمونه تأويلًا ويزعمون أنه لا بد منه، ولهم في ذلك شبهات، وما من صاحب ضلالة أثّرت في الأمة وبقيت في فرقة من الفرق إلا وله شبهة، بل أول معصية وقعت من إبليس لعنه الله كانت بشبهة، لكن الشبهة ليست حقًا، لكن بمعنى أنها تشتبه على خالي الذهن وعلى ضعيف العلم، وتشتبه على ضعيف الإيمان، وتشتبه على من ليس عنده ما يحصنه من عقيدة سليمة، فشبهتهم أنهم زعموا أن إثبات الاستواء يعني إثبات مماثلة المخلوقات، والله ﷿ ليس كمثله شيء، يستوي كما يليق بجلاله، المهم أنهم أولوا الاستواء إلى معان كثيرة، فمنهم من قال هو الاستيلاء، ومنهم من قال هو بمعنى الهيمنة، ومنهم من قال الاستواء بمعنى الحفظ والملك إلى آخر ذلك من معان لا تكاد تحصى.
فإذًا التأويل هو رد يخالف قاعدة السلف، والتشبيه والتمثيل معروف، وإن كان بينهما شيء من الفرق، فالتمثيل ادعاء أن الله يماثله شيء من مخلوقاته أو يماثل شيئًا من مخلوقاته، وهو أبلغ من التشبيه، وسيأتي الكلام على التمثيل والتشبيه في مقام آخر، على جهة التفصيل.
1 / 9