Sharh Lum'at al-I'tiqad - Nasser al-Aql
شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل
Nau'ikan
قاعدة أن الله لا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نرد على رسول الله ﷺ، ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية].
هذه القاعدة السابعة، وهي: أن الله ﷿ لا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ﷺ، بمعنى: لا يأتينا متحذلق بألفاظ جديدة ويقول: هذه كمالات وأنا أثبت لله الكمالات، نعم الكمال يثبت لله لكن يرد إلى ألفاظ الشرع، ولنأخذ على هذا مثالًا: بعض المتكلمين زعموا أن من أسماء الله ﷿ الموجود، وزعموا أن من أسماء الله القديم، ونحن نقول: إن الله ﷿ موجود، لكن يُغنى عنها قوله ﷿: ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة:٢٥٥] فلا داعي لكلمة موجود لأنها لم ترد في ألفاظ الشرع.
كذلك القديم، والقديم ورد ما يغني عنها وزيادة وهو قوله ﷿: ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ [الحديد:٣]، وشرحها النبي ﷺ وفسّرها في حديث صحيح بمعنى الأول الذي ليس قبله شيء، فالأول تغني عن قديم؛ لأن كلمة قديم فيها معنى سلبي، فأحيانًا يُطلق في لغة العرب على الشيء المتهالك المستخدم الذي تنتهي مدته، فلا يليق هذا.
فكلمة (القديم) إن كانت بمعنى شرح اللفظ فلا مانع، أما بمعنى إثبات الاسم فلا يجوز، والسلف الذين أطلقوها قصدهم شرح معنى قول الله ﷿: ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ [الحديد:٣] فيقال: إذا قال إنسان: ما معنى الأول؟ نقول: هو القديم الذي ليس قبله شيء في معنى شرح لمعنى الأول، لكن لا نثبتها مستقلة.
إذًا: لا يوصف الله ﷿ إلا بما وصف به نفسه؛ لأن ألفاظ كلام الله وكلام رسوله ﷺ في ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله كافية، وما ورد من ألفاظ أخرى تدل على الكمال تؤخذ معانيها وترد إلى ألفاظ الكتاب والسنة، والألفاظ الجديدة المستحدثة تُبعد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين.
نؤمن بالقرآن كله مجمله ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول ﷺ وتثبيت القرآن.
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵁: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله].
هذه قاعدة عظيمة عند الإشكال، فالإنسان إذا أشكل عليه معنى من معاني أسماء الله وصفاته وأفعاله، فليسلم على هذه القاعدة، آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، هذا هو التفويض الصحيح السليم، بمعنى أنك تفوض أمرك إلى الله ﷿، وتؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، فأنت تؤمن بالحق والحقيقة التي أرادها الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف ﵃، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله، وقد أمرنا باقتفاء آثارهم والاهتداء بمنارهم].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله، وصحبه أجمعين.
1 / 15