وجوب الإيمان بالإسراء والمعراج
يقول ﵀: (ولم نطلع على حقيقته معناه)، ثم مثل لذلك فقال: (مثل حديث الإسراء والمعراج) .
والإسراء: هو انتقال النبي ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، كما قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء:١]، فأسرى الله ﷿ برسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، هذا هو الإسراء، وقد أخبر به ﷿ في كتابه وسبح نفسه عليه، فدل ذلك على أنه من عظيم قدرته، وأنه دال على عظيم صفاته وكمال قوته جل وعلا.
وقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾ [الإسراء:١] أي: ليرى ويشهد آياتنا الدالة على صدق خبرنا، وقد وقع ذلك له ﷺ.
أما المعراج فجاء ذكره في القرآن الكريم في سورة النجم في قوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم:١-٩]، وكل هذا كان في تلك الليلة، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ [النجم:١٠-١٢] أي: أتجادلونه وتناقشونه على ما رأى من تلك الآيات العظيمة الكبيرة التي تجلت له وشاهدها في تلك الليلة في معراجه؟! فالمعراج ثابت بالقرآن أيضًا، وثبوته في السنة لا مجال لإنكاره ولا شك فيه ولا ريب، فإن السنة قد دلت على ذلك دلالة واضحة جلية يدركها كل عقل مؤمن وقلب سليم، ولكن هل نحن ندرك كيف كان ذلك؟
الجواب
لا ندرك كيفية ذلك؛ لأن إدراك الكيفيات أمر زائد على التصديق بالخبر، فنحن نصدق بالخبر لكننا لا ندرك كيفية ذلك، ولذلك مثل به المؤلف على الأمور التي يجب الإيمان بها وإن كنا لا نعقل معناها، لأنا ولم نطلع ولم نشاهد كيف أسري به ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى سابع سماء، ثم عاد في ليلة واحدة، فكل هذا جرى له ﷺ في ليلة واحدة!
11 / 10