124

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

Nau'ikan

لا مهرب عما قدره الله
يقول: (ولا محيد) يعني: لا مفر ولا مخرج ومهرب (عن القدر المقدور) وهذا ما قاله عبادة ﵁ لابنه: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك) وهذا قد جاء مرفوعًا إلى النبي ﷺ من غير حديث عبادة ﵁، وفيه وجوب الإيمان بأن ما نزل بك لا يمكن أن يندفع عنك مهما فعلت، وما صرفه الله عنك لا يمكن أن يصيبك مهما سعى الناس أن ينزل بك.
وهذا معنى ما ذكره النبي ﷺ لـ ابن عباس في الوصية الشهيرة المعروفة: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء، فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف) أي: قضي الأمر وفرغ منه، ليس الأمر وليد الساعة أو الآن، أو يمكن زحزحته وتغييره، بل هو أمر قضاه الله وقدره قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
لما خلق القلم قال له: (اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة)، فإذا أيقن العبد بهذا اطمأن وعلم أنه لا مفر من تقدير الله ﷿ ولا محيد من القدر المقدور، أي: التقدير الذي قدره الله جل وعلا.

8 / 12