مخالفة العاصين وعلاقتها بإرادة الله
يقول ﵀: (ولو عصمهم لما خالفوه): هذا فيه الجواب عن إشكال: هل معصية العاصين تقع بمشيئة الله أو بغير مشيئته؟ بإرادة الله الكونية أو بغير إرادته؟
الجواب
تقع بمشيئته وإرادته وهو على كل شيء قدير جل وعلا، لكنه مكنهم من مخالفته وأذن لهم في عصيانه لحكمة قضاها؛ ولذلك قال: (ولو عصمهم) أي: منعهم من الوقوع في المعصية أو منعهم من ترك الواجب (لما خالفوه)، ولو شاء أن يطيعوه جميعًا لأطاعوه)، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [هود:١١٨] أي: في الإيمان والصلاح والتقوى والهدى، ﴿وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود:١١٨] فمنهم مؤمن ومنهم كافر كما قال جل وعلا، والمذكور في سورة هود هو المشار إليه في سورة التغابن، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن:٢]، فقسم الله الناس إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، هذا في المآل، وفي العمل أيضًا قسمهم قسمين: قسمًا يؤمن، وقسمًا يكفر.
فقوله ﵀: (ولو شاء أن يطيعوه جميعًا لأطاعوه) أدلة هذا من القرآن كثيرة منها ما ذكرناه.
8 / 10