Sharh Luma'at al-I'tiqad - Yusuf al-Ghafis
شرح لمعة الاعتقاد - يوسف الغفيص
Nau'ikan
أدلة إثبات العلو في الكتب المتقدمة
قال الموفق رحمه الله تعالى: [وفيما نقل من علامات النبي ﷺ وأصحابه في الكتب المتقدمة: إنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء].
هذه إشارة من المصنف إلى أن توحيد الأسماء والصفات متواتر في سائر الكتب السماوية، لأن أصول الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام واحدة، فقد قال النبي ﷺ -كما في الصحيح- عن أبي هريرة: (نحن معاشر الأنبياء أبناء علات) والمقصود بأبناء العلات هم الإخوة من أمهات شتى وأب واحد، فأراد باتفاق أبيهم الاتفاق في أصل الدين، وأراد باختلاف أمهاتهم اختلاف شرائعهم.
ولهذا فإن عقيدة الأنبياء واحدة وتوحيدهم واحد، ولا يمنع هذا أن يكون ما بعث به محمد ﷺ فيه تفصيل لهذه العقيدة بما لم يقع مثله من التفصيل في غيره من الكتب.
فلا شك أن الدلائل والتفاصيل المذكورة في القرآن، أكثر من التفاصيل المذكورة في الكتب السماوية الأخرى، وإن كانت كلام الله ﷾.
قال الموفق ﵀: [وروى أبو داود في سننه أن النبي ﷺ قال: (إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا)، وذكر الخبر إلى قوله: (وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك) فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف ﵏ على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله].
هذا كله داخل في مراد المصنف، إثبات صفة العلو لله ﷿.
وهنا ينبه إلى مسألة الآثار النبوية؛ كهذا الحديث الذي ذكره المصنف، وكحديث الأوعال في ذكر حملة العرش، وأمثال هذه الأحاديث، ينبه إلى أن الواجب في الاعتقاد: هو ما انضبط عند السلف من الأحاديث، وذكروه من مسائل أصول الدين.
وأما تتبع الروايات في كتب الحديث على طريقة من الإفراد، كما تتتبع المسائل الفقهية، فهذا ليس مما ينبغي القصد إليه، لأن هذا مقام إخبار عن الرب ﷾، فلا ينبغي فيه أن يستطال في تتبع أحاديث فردة، قد تثبت وقد لا تثبت.
ولهذا فإن إشارة المصنف في قوله: [مما أجمع السلف ﵏ على نقله وقبوله] إلى أنه ينبغي تتبع المجمع عليه كحديث النزول وأمثاله من الأحاديث.
6 / 5