Sharhin Wasa'il Wusul
شرح عبد الرحيم الطبيب لكتاب وسائل الوصول إلى مسائل الفصول لإبراهيم الكيشي
Nau'ikan
12
[aphorism]
قال: قال أبقراط: يدل على نوائب المرض ومرتبته نفسه والفصول وتزيد الأدوار وما يظهر بعد كسرعة النفث الدال على القصر في ذات الجنب
[commentary]
أقول: الأشياء التي يستدل بها على مراتب الأمراض من الحدة والزمانة والتوسط بينهما أربعة اشياء: أحدها نفس المرض، وثانيها فصول السنة، وثالثها تزيد أدوار المرض أي من اشتداد نوائبها، ورابعها مما يظهر بعد أي من الأشياء التي تظهر من بعد أي يستدل من حالة واقعة في وسط زمان المرض. فإن هذه الأربعة من لوازم المرض الخلطي ولا شك أنه يلزم من وجود الملزوم وجود اللوازم ومن انتفائه انتفاؤها. وأما الاستدلال من نفس المرض فمثل الغب يدل على أنها صفراوية خارج العروق تنوب يوما وتفتر يوما، والمحرقة تدل على أن مادتها صفراوية داخل العروق هي من الحميات الحادة وانتهاؤها قريب وتشتد غبا، والمواظبة PageVW2P008A من البلغمية النائبة تنوب كل يوم وتشتد في بعض أوقات اليوم، والربع PageVW0P006A تنوب يوما وتفتر يومين وانتهاؤها بعيد، والمركبة من البلغمية والصفراوية تدل على أن انتهاءها متوسط ويختلف ذلك بحسب نظام المرض فيكثر الغذاء إذا كان وقت النوبة بعيدا، و يقلل أو يمنع في وقت النوبة. وأما الاستدلال من الفصول فإن العلل الربيعية والصيفية على الأكثر سريعة الانقضاء، والشتوية بالضد والخريفية كالمتوسطة. وأما الاستدلال من تزيد الأدوار فإن اشتداد النوائب يدل على حدة نوبة المرض ومرتبته لأن زيادة تفاوت النوبة تدل على سرعة انقضاء المرض وحدته، وقلة ذلك تدل على بلادة حركة المرض فيظهر أن اشتداد النوائب يدل على مرتبته سواء كانت النوائب في كل يوم كما في الحمى النائبة أو تدور في يوم وتفتر في يوم كالغب، أو تفتر يومين وتنوب في يوم كما في الربع، أو أكثر كما في الخمس والسدس. وفتور النوبة يدل على زمانة وكلما كان مادته أغلظ كان زمانه أكثر. وأما من الأشياء التي تظهر من بعد سميت بذلك لأنها لا تظهر من أول المرض فمثل علامة النضج الدالة على سرعة الانقضاء ومنها ما يدل على نضج مادة مختصة لعضو مخصوص كدلالة سرعة النفث في ذات الجنب على قصر المرض لأنه إنما تكون لقوة القوة وسهولة انتقال المادة فيكون اندفاعها لا محالة سريعا وإن تأخر النفث كان المرض طويلا بضد ذلك.
13
[aphorism]
قال: قال أبقراط: أحمل الناس للجوع الشيخ لقلة حاره الغريزي وانطفائه بالكثير من الطعام ولهذا لا تكون حماه حادة، ثم الكهل ثم الفتى ثم الصبي لكثرة حاره الغريزي سيما قوي الشهوة PageVW2P008B
[commentary]
أقول: قيل المراد بالجوع الإمساك عن الطعام مدة طويلة PageVW0P006B وبهذا المعنى لا يصدق على الشيخ أنه أحمل الناس للجوع لأنه لا يحتمل تأخر الغذاء لضعف قوته، وكأنه يراد بالجوع الاكتفاء بالغذاء اليسير والشيخ أحمل لذلك لقلة ما يتحلل من بدنه وضعف حرارته. قوله "ولهذا لا تكون حماه حادة" لأن الرطوبة الفضلية في بدنهم كثيرة تقاوم حرارة الحمى والحرارة الغريزية فيهم قليلة بخلاف أبدان غيرهم. ولا شك أن الغريزية القوية والحرارة الغريبة تزيد في حماهم. واعلم أن الأسنان أربعة لأن البدن لا * يخلو (14) إما أن يكون يتزايد في الأقطار الثلاثة والقوة أزيد من المتحلل أي تكون الرطوبة الغريزية وافية بحفظ الحرارة الغريزية وبالزيادة وهو في الإنسان بحسب غالب أفراده قريب من ثلاثين سنة ويسمى سن النمو، أو متناقصا أي القوة أنقص من المتحلل فلا * يخلو (15) إما أن يكون نقصانه غير بين أي غير محسوس أو بينا محسوسا: والأول سن الكهولة وهو من أربعين إلى ستين سنة والباقي سن الشيخوخة ويسمى سن الذبول أيضا لأن البدن يذبل فيه وهو من ستين سنة إلى أن يتلاشى، أو لا يكون متناقصا ولا متزايدا وهو من ثلاثين سنة إلى خمس وثلاثين أو إلى أربعين سنة ويسمى سن الوقوف. وسن النمو على خمس مراتب: سن الطفولة وهي من ابتداء السقوط إلى استعداد النهوض، وسن الصبى وهي من النهوض وقبل الشدة، والترعرع وهي من الشدة إلى الرهاق، والغلامية وهي من الرهاق إلى أن يبقل الوجه إن كان ممكنا. وسن الفتى وهي من الغلامية إلى آخر سن النمو. وسن الصبى يطلق على معنيين أحدهما ما ذكر والثاني PageVW2P009A من ابتداء السقوط إلى أول سن الفتى وهو مراد المصنف ههنا. واعلم أن المشايخ مع عدم نموهم أقل تحليلا PageVW0P007A من غيرهم لقلة حارهم الغريزي، ولا يضر بهم الجوع بل ينفعهم أحيانا لكثرة رطوبتهم الفضلية والجوع يحللها لكن الإمساك عن الغذاء مضر بهم كما ذكرنا بل يحتاجون إلى الغذاء اليسير متتابعا كالسراج الذي قارب الانطفاء فإنه يمدد باليسير من الدهن متتابعا لئلا ينطفئ. قوله "سيما قوي الشهوة" أي من الصبيان فإن الجوع مطلقا يضرهم فكيف مع وجود الشهوة فإنه يؤدي إلى الذبول. والحق أن الجوع المفرط مضر في جميع الأبدان. فإن قلت ما الفرق بين الحرارة الغريزية والحار الغريزي قلت أن الغريزي جوهر والغريزية عرض، ويطلق كل منهما على الآخر مجازا. والحرارة جنس تحته أربعة أنواع أحدها الحرارة النارية، وثانيها الحرارة المستفادة من تأثير الكواكب، وثالثها الحرارة التي توجبها الحركة، ورابعها الحرارة الموجودة في الحيوان وهذه الحرارة توجد في الروح الحيواني وهي الغريزية لأن هذه الحرارة تفاض على البدن عند تعلق النفس لتكون آلة لها وينسب إليها كدخدائية البدن وسماها أفلاطن بالنار الإلهية واختلفت الآراء فيها. قيل هي مزاج البدن كله وقيل هي مزاج الروح وقيل أنها الحرارة النارية العنصرية المستفادة من المزاج، ورأى العظيم أرسطو أن هذه الحرارة مغايرة بالنوع والحقيقة لباقي الأقسام وأنها يستفيدها المركب بالفيضان عليه كما تفاض النفس. والله تعالى أعلم بحقائق الأمور.
Shafi da ba'a sani ba