Sharh Kitab al-Tawhid - Abdul Karim al-Khudair
شرح كتاب التوحيد - عبد الكريم الخضير
Nau'ikan
ـ[شرح كتاب التوحيد]ـ
مؤلف الأصل: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: ١٢٠٦هـ)
الشارح: عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير
دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير
[الكتاب مرقم آليا، رقم الجزء هو رقم الدرس - ١١ درسا]
Shafi da ba'a sani ba
شرح كتاب التوحيد (١)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فتُفتتح هذه الدورة بعون الله وتوفيقه إن شاء الله تعالى، وهي كما أُعلن عنها مختصة بالاعتقاد، وما يحتاجه طالب العلم من مسائل الاعتقاد من أنواع التوحيد ومتطلباته، وما يضاده ويناقضه، ولا يخفى على أحد أهمية هذا العلم، وأنه رغم أهميته، وأنه أصل العلوم وأساسها، وقبول الأعمال كلها متوقف على تحقيقه -على تحقيق التوحيد-.
والدرس الأول في هذه الدورة هو في شرح كتاب التوحيد للإمام المجدد، الإمام الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه-، وهو غني عن التعريف.
وموضوع كتاب التوحيد في الجملة: توحيد العبادة -توحيد الألوهية-؛ نظرًا لمسيس الحاجة إليه، فالإمام -رحمة الله عليه- رأى أن الحاجة ماسَّة في عصره إلى تحقيق هذا التوحيد، وأن الناس من أهل زمانه أخلوا بهذا التوحيد حتى شابهوا من وجوه من بُعث فيهم الرسول ﵊، بحيث وجد الشرك بأنواعه.
وأما بالنسبة لتوحيد الربوبية فهذا يعترف به المشركون، ولم يجحدوه، والمؤلفات فيه من قبل المسلمين كثيرة، والشيخ حينما ألف هذا الكتاب -رحمه الله تعالى- تلمَّس حاجة الناس، فلم يبسط أنواع التوحيد -أعني توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات- مثل ما بسط توحيد الألوهية؛ نظرًا للحاجة الماسَّة الداعية إلى ذلك.
وكل مؤلف يريد نفع المسلمين، إنما يؤلف فيما تمسُّ حاجتهم إليه، فيما تمسُّ حاجتهم إليه، فإذا رأى أن الحاجة ماسة في وقت من الأوقات إلى نوع من أنواع العلوم تصدى للتأليف فيه وبيانه، وكشف ما يلتبس على الناس فيه.
1 / 1
قد يقول قائل: إن المؤلفات قد تبلغ المئات في فن واحد، بل في شرح كتاب واحد، فكم من تفسير ألفه المسلمون على كتاب الله -جل وعلا-؟ لماذا لم يكتفي بعضهم بمؤلف البعض الآخر؟ لماذا لم يكتفي المتأخر بمؤلف المتقدم؟ ومازال العلماء يفسرون كلام الله إلى يومنا هذا، بل وإلى ما شاء الله، ولم يكتفِ بعضهم ببعض، وقل مثل هذا في شروح الأحاديث، فإذا كان ..، إذا كانت التفاسير التي تشرح كتاب الله -جل وعلا- لا يمكن أن يحاط بها، فإذا وجد من الحواشي على تفسير واحد أكثر من مائة حاشية، فكيف بجميع التفاسير؟
ما قال: إنه يُكتفى بتفسير الطبري عن تفسير البغوي، عن تفسير ابن كثير، عن كذا كذا، والحاجة مازالت داعية إلى التفسير، ومازال العلماء كل من جاء يرى أن هناك جانب من جوانب التفسير لم توفَّ حقَّها، فلذا تجدون لكل تفسير خصائص لا توجد في غيره، وأما التفاسير التي هي مجرد نقل من غير تحرير ولا تحقيق ولا تجديد، هذه حكمها حكم العدم.
وكذلك الشروح، لو قال قائل: إن البخاري مازال بحاجة إلى شرح، مع أنه شرح شروحًا كثيرة جدًا، مطولات ومختصرات، حتى قال الشوكاني ﵀ لما سئل -طلب منه أن يشرح البخاري- قال: "لا هجرة بعد الفتح".
وهل معنى هذا أن الحاجة سُدَّت بفتح الباري فقط؟
لا، فتح الباري لا يغني عن عمدة القاري، عمدة القاري لا تغني عن إرشاد الساري، وكلها لا تغني عن شرح ابن رجب، وهكذا.
أما بالنسبة لتوحيد الألوهية الذي صنف فيه الإمام المجدد هذا الكتاب فالحاجة داعية، بل ماسة، والناس أحوج إلى بيانه في كل وقت، في كل وقت، لكن في وقت الشيخ -رحمه الله تعالى- كانت الحاجة أشد.
1 / 2
أنواع التوحيد ألف فيها المؤلفات الكثيرة وكل ..، أكثر المؤلفات، أكثر المؤلفات تعالج توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات له نصيب، وأما توحيد الألوهية فرأى الشيخ -رحمة الله عليه- من الواقع الذي يعيشه، من الواقع المرير الذي تقع فيه المخالفات في أصل الأصول -وهو تحقيق التوحيد- رأى -رحمه الله تعالى- أن الحاجة ماسة إلى التأليف في هذا النوع من أنواع التوحيد، وإلا فأنواع التوحيد كما قررها أهل العلم بطريق الاستقراء للنصوص ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
توحيد الربوبية: هو توحيد الله -جل وعلا- بأفعاله، كالخلق والرزق، الإحياء، الإماتة، كل هذه من خصائصه -جل وعلا-، لا يدعي أحد أنه يخلق، ولا يدعي أحد أنه يرزق، ولا يدعي أحد أنه يحيي، إلا على طريق المكابرة مع علمه وجزمه يقينًا أنه لا يستطيع ذلك، ولا أنه يميت.
قد يكون الإنسان سببًا في رزق مخلوق، وقد يكون سببًا في إماتته، قد يكون سببًا في إنقاذ حياته إذا أشرف على الموت، وأسعفه فالذي أحياه هو الله -جل وعلا- لكن هذا سبب، فالإنسان حينما يتصدق من ماله الذي اكتسبه وتعب عليه، هو في الحقيقة إنما أعطى من مال الله الذي أعطاه إياه، والله -جل وعلا- حينما يكتب الحياة -حياة الغريق مثلًا- على يد من أنقذه، فالمحيي هو الله -جل وعلا-؛ لأن الأجل لم يتم، ولكن هذا صار سببًا في إنقاذ هذا الغريق من الهلكة، فالخالق هو الله، ولا يدعي أحد أنه يخلق نفسه أو ولده فضلًا عن غيره، والرازق هو الله -جل وعلا- وهو الذي كتب الأرزاق وقدرها، ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ﴾ [٣٢) سورة الزخرف].
والمحيي والمميت هو الله -جل وعلا- ولا أحد يدَّعي ذلك، حتى ولا أهل الشرك، من بعث فيهم النبي ﵊ لا يدَّعون ذلك.
1 / 3
وأما توحيد الله بأفعال العباد وتخليص وتنقية هذا التوحيد فهذا هو الذي أشرك فيه المشركون القدامى والمحدَثون، فهم وإن كانوا يعترفون بأن الله -جل وعلا- هو الخالق، وهو الرازق، والمدبر، والمحيي والمميت، لا خالق غيره، لكنهم وإن صرفوا له شيئًا من أنواع العبادة إلا أنهم يصرفونها أيضًا لغيره، فقد أشركوا، وإن طافوا بالبيت لله -جل وعلا- إلا أنهم يقولون: لبيك لا شريك لك لبيك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك، فهم يشركون مع الله -جل وعلا-، وهذا النوع من التوحيد وجد الخلل فيه قديمًا وحديثًا.
والإمام المجدد ﵀ يقرر -رحمة الله عليه- أن الشرك في هذا النوع في العصور المتأخرة في زمنه ﵀ أشدّ مما كان في زمن النبي ﵊، لماذا؟
لأن المشركين الذين بعث فيهم النبي ﵊ يشركون في الرخاء، لكنهم يخلصون في الشدة، ومشركو زمانه -رحمة الله عليه- ومن بعدهم إلى يومنا هذا شركهم دائم في الرخاء والشدة، تجده في أوقات الأزمات يقول: يا فلان، يا علي، يا حسين، يا بدوي، يا عبد القادر ..، في أحلك الظروف يقول ذلك، لكن المشركين الذين بعث فيهم النبي ﵊ ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [(٦٥) سورة العنكبوت]، يعني في حال الأمن يشركون، وفي حال الشدة يخلصون.
بينما تجد الآن والإنسان يتعرض إلى غرق أو حرق أو دهس أو ما أشبه ذلك يقول: يا فلان، يا فلان، فشركهم دائم في الرخاء والشدة.
فلما اشتدت الحاجة ومست بل دعت الضرورة إلى بيان هذا النوع من أنواع التوحيد خصص الإمام المجدد -رحمة الله عليه- هذا الكتاب في توحيد العبادة -توحيد الألوهية-.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا وارفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا، واغفر لنا ولشيخنا والسامعين، برحمتك يا ذا الجلال والإكرام.
قال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في كتابه كتاب التوحيد:
1 / 4
"باب قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ ...﴾ [(٥٦) سورة الذاريات] ".
على طول: بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد، وقول الله تعالى.
طالب: باب قول الله تعالى؟
الترجمة هكذا؟
طالب: إي نعم.
"بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد وقول الله تعالى": يعني هل كتاب التوحيد ترجمة كبرى يندرج تحتها جميع الأبواب اللاحقة أو أنها ترجمة خاصة بهذا الباب، ويكون المراد بهذا الكتاب -هذه الترجمة- بيان معنى التوحيد؟
الآن هل كتاب التوحيد قبل البسملة أو بعدها؟
طالب: في عدة نسخ بعد البسملة.
يعني كتاب التوحيد هل هو عنوان للكتاب كله، أو عنوان لهذا الباب؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن النسخة التي في أيدينا من الطبعات القديمة كلها: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد".
وهل التراجم اللاحقة قسم أو قسيم لهذا الباب؟
يعني مقتضى كلامه أنه "باب قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ ...﴾ "؟
طالب: إي نعم.
هاه، إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في باب أصلًا.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
فتح المجيد ..، إيش قال؟
طالب: يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "كتاب التوحيد".
"كتاب التوحيد وقول الله تعالى": كأنهم رأوا أن كتاب عنوان الكتاب كاملًا، وأن جميع الأبواب اللاحقة مندرجة تحت هذا العنوان الكبير، ويدل على ذلك كلمة كتاب،. . . . . . . . . هذا كتاب ويتلوه كتب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لأصبح قسيمًا، لكنه كتاب واحد تحته أبواب، تحته أبواب، وهذه الأبواب أقسام لهذا الكتاب وأنواع له، وعلى كل حال الوضع ..، الطبعات القديمة كلها "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد وقول الله تعالى": ويكون المراد بهذا الكتاب في هذه الترجمة الخاصة وما تحتها من آيات وأحاديث في بيان معنى التوحيد.
طالب:. . . . . . . . .
الآن عنوان الكتاب بالكامل: كتاب التوحيد، كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
وقوله: الذي هو حق الله على العبيد مأخوذ من الحديث الذي يأتي ما حق العباد على الله، وما حق الله على العباد؟
1 / 5
حقه عليهم التوحيد، ولذلك قال: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، هذا العنوان الأكبر للكتاب، ثم بعد ذلك قال: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد": هذا فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟
الكتاب تقدم الذي هو العنوان، ولو كان باب التوحيد وقول الله تعالى، لقلنا: إن المراد بالترجمة باب معنى التوحيد، الباب معناه الذي تشرحه الآيات والأحاديث التي أدخلت ضمن الترجمة، الإشكال زال وإلا باقي؟
يعني التصرف هذا الموجود من بعض الطابعين ...
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
الآن قال: كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، ثم بعد ذلك مقدمة من وضع المحقق، مباشرة: "باب قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [(٥٦) سورة الذاريات]: طيب أين البسملة التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى-؟ اكتفى بها في مقدمته، المحقق اكتفى بها في مقدمته هو، والأصل أنها موجودة، موجودة في كلام المؤلف إلا إذا كان مثل بعض المحققين يكتفي بالبسملة المرسومة بطريقة مزخرفة في أول صفحة يراها أنها هي البسملة في الكتاب، هل هذه تكفي عن بسملة الشيخ ﵀؟ ثم بعد ذلك بعد هذه البسملة قال: بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة كتاب التوحيد، ثم جاء بكلام له -للمحقق نفسه- ثم بعد ذلك: "باب قول الله تعالى"، لا شك أن هذا خلل في التحقيق، هذا خلل في التحقيق.
قد يقول: إن هناك إشكال في ترجمة كتاب وما بعده كلها أبواب، وليس لهذا الكتاب قسيم ولا قسائم، يكون فيه إشكال، هذا العنوان الأصلي للكتاب، فالمفترض أن يكون هنا باب كالأبواب اللاحقة، نعم من حيث الترتيب المنهجي للتأليف يمكن أن يقال هذا، لكن الأصل إبقاء كتب أهل العلم على الوضع الذي تركه مؤلفوه عليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري، فيها شك، يعني كأن الكتاب لا عنوان له، يعني من الأصل بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد بدون عنوان.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، اتفاق إنه ما في مقدمة.
طالب:. . . . . . . . .
هذه يذكرها بعض النساخ، هذه يذكرها بعض النساخ، أما الأصل أن ما في ...، ولذلك تكلموا لماذا لم يذكر الشيخ مقدمة؟
طالب:. . . . . . . . .
1 / 6
يعني نسخة معتمدة.
طالب:. . . . . . . . .
من الذي يقول هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أكثر الشراح يشرحون على هذا الأساس أن الكتاب ليست له مقدمة، وأنه نظير صنيع الإمام البخاري، نظير صنيع الإمام البخاري، يعني على هذا أكثر النسخ، على هذا أكثر النسخ، المقصود أن مثل هذا التصرف الذي وضعه هذا المحقق، يعني لم يذكر كتاب التوحيد إلا في الترجمة ترجمة العنوان الأصلي للكتاب ولا كررها مرة ثانية، بدءًا بها في مقاصد الكتاب هذا لا شك أنه ..، وإن كان من حيث الناحية المنهجية أن الكتاب هو العنوان الأكبر للكتاب، وما بعده ينبغي أن يكون أبواب، لكن الطبعات القديمة كلها: "بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد".
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب التوحيد
قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [(٥٦) سورة الذاريات]، وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [(٣٦) سورة النحل]، وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [(٢٣) سورة الإسراء]، وقوله: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(١٥١) سورة الأنعام].
وقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(٣٦) سورة النساء].
طالب: هذه بعدها يا شيخ.
كيف؟
طالب: بعدها.
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ وقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾.
طالب: ما في قوله تعالى. . . . . . . . .؟؟
بعدها ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ﴾.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
سيأتي هل هو استئناف أو. . . . . . . . .
نعم.
وقوله: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(١٥١) سورة الأنعام]، وقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(٣٦) سورة النساء].
1 / 7
قال ابن مسعود ﵁: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ﷺ التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(١٥١) سورة الأنعام]، إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ﴾ [(١٥٣) سورة الأنعام].
عن معاذ بن جبل ﵁ قال: "كنت رديف النبي ﷺ على حمار، فقال لي: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟» قلت: الله ورسوله أعلم؟ قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا» قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: «لا تبشرهم فيتكلوا» [أخرجاه في الصحيحين] ".
اقرأ المسائل؟
"فيه مسائل:
الحكمة في خلق الجن والإنس.
الأولى، الأولى.
"الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قوله: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [(٣) سورة الكافرون].
الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة: أن الرسالة عمت كل أمة.
السادسة: أن دين الأنبياء واحد.
السابعة: المسألة الكبيرة: أن عبادة الله؛ ففيه معنى قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ ...﴾ الآية [(٢٥٦) سورة البقرة].
الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله.
التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف.
وفيها عشر مسائل: أولاها: النهي عن الشرك.
العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة.
ثماني عشرة.
1 / 8
وفيها ثماني عشر مسألة بدأها الله بقوله: ﴿لاَّ تَجْعَل مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا﴾ [(٢٢) سورة الإسراء]، وختمها بقوله: ﴿وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا﴾ [(٣٩) سورة الإسراء]، ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ [(٣٩) سورة الإسراء].
الحادية عشر: آية سورة النساء التي ..
الحادية عشرة.
أحسن الله إليك.
الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة، بدأها الله تعالى بقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ [(٣٦) سورة النساء].
الثانية عشرة: التنبيه على وصية رسول الله ﷺ عند موته.
الثالثة عشرة: معرفة حق الله علينا.
الرابعة عشرة: معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
الخامسة عشرة: أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة.
السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره.
الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: "الله ورسوله أعلم".
العشرون: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
الحادية والعشرون: تواضعه ﷺ لركوب الحمار مع الإرداف عليه.
الثانية والعشرون:
الثانيةُ كلها مرفوعة.
الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة.
الثالثة والعشرون: فضيلة معاذ بن جبل –﵁.
الرابعة والعشرون: عظم شأن هذه المسألة".
هذا يقول: متى سيبدأ الدرس الأول، هل سيكون مثل اليوم؟
يعني بعد الصلاة مباشرة يبدأ الدرس الأول لمدة الساعة أو ساعة وربع، ثم يحصل بعد ذلك راحة لمدة ربع ساعة، ثم يستأنف الدرس الثاني وينتهي قبل أذان المغرب بربع ساعة؛ ليتمكن الأخوة من أذكار المساء، وأما الدرس الثالث فهو بين الصلاتين.
يقول هذا: أتمنى أن يكون الشرح كشرح عمدة الأحكام من حيث السرعة والإلمام بالفائدة، من حيث السرعة والإلمام بالفائدة؟
1 / 9
هذه المسألة يعني طرحت كثيرًا في جميع الدروس، ويختلف فيها الإخوان وتتباين فهيا أقوالهم، منهم من يريد البسط، ومنهم من يريد الاختصار، لكننا في الغالب يعني إذا كان الباب طويلًا فإنا نكتفي بباب واحد، وإذا كان قصيرًا ضممنا إليه آخر، والشرح سيكون بإذن الله متوسطًا لا طويلًا ولا مختصرًا مخل.
يقول: ما رأيك بكتاب فتح الحميد شرح كتاب التوحيد لعثمان بن منصور وهل يختصر أو يجرد؟
شرح ..، هذا الشرح هو يكاد أن يكون -بل هو بدون تردد- أطول الشروح، وظل حبيسًا لم ينشر كبقية الشروح؛ نظرًا لما وصف به مؤلفه من خلاف مع أئمة الدعوة، منهم من يقول: إن الكتاب يشتمل على شيء من ذلك، ومنهم من يقول: الكتاب لا إشكال فيه، ومنهم ..، طال البحث والجدال فيه، ثم في الأخير حقق الكتاب وطبع ونشر، وواقع الكتاب يدل على أن فيه فوائد كثيرة، لكنه كما قيل عن مؤلفه: إنه بينه وبين أئمة الدعوة شيء من النفرة، ولا يمنع هذا من الإفادة منه، وما كان فيه من حق فهو مقبول، وما كان فيه مما يخالف الحق فهو مردود.
ما الشروح المعتمدة للكتب التي سوف تشرح؟
1 / 10
الكتب المعتمدة -الشروح المعتمدة- أولًا: هذا الكتاب أعني كتاب التوحيد حضي بشروح كثيرة جدًا، منذ تأليفه إلى يومنا هذا وهو يشرح، وما من عالم إلا وقد تصدى لشرحه سواءً كتب شرحه أو أملاه أو سجل عنه أو ذهب أدراج الرياح قبل التسجيل، لكن لا يوجد عالم تصدى لتعليم الناس، إلا وقد شرح لهم كتاب التوحيد، ولا يوجد طالب علم إلا وقد حفظ كتاب التوحيد؛ لأنه من الكتب المهمة الأصلية في هذا الباب، يعني من القواعد والأسس التي يبنى عليها هذا الفن؛ لأنها في توحيد الألوهية الذي يخفى أمره على كثير من الناس، كثير من بيوت المسلمين -من عوام المسلمين- يقع في الشرك الأكبر وهو لا يدري، فلذا يتعين تعليم الناس -حتى العوام- إجمالًا لأبواب هذا الكتاب، ولو ينقل عاد التفاصيل التي يتلقاها طلاب العلم من أهل العلم، الإشكال أن العوام نعم يكفيهم التقليد، ويكفيهم الإيمان الإجمالي، لكن مع ذلك لا يجوز أن يقعوا في خلل وهم في أوساط علمية، وفي بيوتهم من يحسن تعليمهم، ولذا من البر أن يخص المعلم أو المتعلم أقرب الناس إليه، وأحب الناس إليه، بشيء مما ينفعهم في دينهم.
مع الأسف أنه يوجد من كبار السن ذكور وإناث من لا يقرأ حرفًا من القرآن، حتى الفاتحة، وفي بيوتهم أفراد ممن يحفظ القرآن، أو يقرأ القرآن بالتجويد، ومع ذلك لا يقدم لهم شيئًا، من أبر البر أن تعلم أباك سورة أو سور من القرآن، أو أمك، وأيضًا ما يحتاج إليه مما يصح به إسلام المرء.
يعني هل يتصور أن امرأة عاشت في بيئة محققة للتوحيد، ودولة قامت على التوحيد، أن تسمع محاضرة من داعية –امرأة- تحذر من كلمة شركية وتبدأ بها في أذكار النوم هذه المرأة؟
ما تفهم، سمعت هذه الكلمة وحفظتها فبدأت بها، يعني أليس من أبر البر أن يعلم عوام المسلمين هذه العقائد التي تنجيهم من النار؟
قد يعذر المرء بجهله، لكن لماذا ننتظر أن يموت الوالد أو الوالدة على شيء من الشرك ولو لم يكن أكبر، ثم نقول بعد ذلك: نعذره بجهله؟ لماذا لا نعلمه ما يصحح اعتقاده؟
1 / 11
والبيوت ولله الحمد مملوءة بالمتعلمين -بل بالمعلمين- وإذا كان نفع الناس نفع العالم للبعيد دون القريب فهذا يشك فيه، يشك في إخلاصه، لكن قد يوجد من الكبار من يتصدى لتعليم الناس، ونجد أولاده ما استفادوا منه، هل نقول: إن هذا قصر في حقهم، أو أنه حاول وما استطاع؛ لأن الهداية بيد الله؟
نعم هذا هو المظنون بأهل العلم.
ورأيت شابًا يلقن شيخًا كبيرًا في فجر يوم الجمعة بعد الصلاة سورة الكهف كلمة كلمة، هو بعيد عنه من جهة النسب، لكن رأى أنه محتاج فإلى أن طلعت الشمس وهو يلقنه سورة الكهف كلمة كلمة، فلماذا لا نفعل هذا مع أقرب الناس إلينا؟
تجد الأم ما تقرأ، تجد الأب يحضر إلى المسجد، بل تجده مؤذن أول ما يحضر إلى المسجد، ثم يلتفت يمينًا وشمالًا لا يتكلم بكلمة لماذا؟ لأنه لا يقرأ القرآن، مثل هذا أليس من أعظم البر أن يعكف الولد على تعليمه بعض السور التي يقضي بها مثل هذا الفراغ ويكتب بها الأجور؟
فهذا من الأهمية بالغاية، يعني في غاية الأهمية.
هذا الكتاب شرح شروحًا كثيرة منها بل ما يعد من أوائلها: تيسير العزيز الحميد، للشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام المجدد، المولود سنة ١٢٠٠هـ، المتوفى سنة ١٢٣٣هـ، شاب ﵀، وشي به عند إبراهيم باشا فأمر الجنود أن يطلقوا عليه الرصاص فقتلوه، بعد أن غاضه بإحضار الملاهي والأصوات التي يكرهها ﵀، هذا أول الشروح لكنه لم يكمل، وإلا فهو شرح موسع إلى باب ما جاء في المصورين.
ثم جاء الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الإمام المجدد، فاختصر وهذب هذا الشرح وأكمله في كتاب من أنفع الشروح لهذا الكتاب اسمه: (فتح المجيد) فحذف من تيسير العزيز الحميد ما لا يحتاج إليه من تكرار واستطراد وما أشبه ذلك، وأضاف ما تمس الحاجة إليه، وشروح لا تكاد تحصر وحواشي.
ومن هذه الشروح وهو شرح مختصر، وهو في غاية الأهمية والنفع اسمه: (قرة عيون الموحدين)، وهو لصاحب فتح المجيد الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وهو مختصر، والأول مطول.
1 / 12
ومنها الشرح شرح عثمان بن منصور، وهو كتاب موسع كما ذكرنا، وفيه ما فيه مما جعل نشره يتأخر، ثم نشر أخيرًا، وهناك شروح أيضًا مختصرة من الشروح السابقة، مثل: (إبطال التنديد) للشيخ حمد بن عتيق، ومنها حواشي الشيخ عبد الرحمن بن قاسم، والشيخ سليمان بن حمدان، و(مقاصد التوحيد) للشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وعلى كل حال مثل ما ذكرنا ما من عالم إلا وله بصمة على هذا الكتاب، يعني شرح هذا الكتاب إما بشرح مكتوب أو مسجل، أو متلقى في صدور الطلاب.
شرح الشيخ سليمان بن حمدان -على ذكره- يعنى ببيان المسائل وشرحها وتوضيحها، كثير من الشراح أهمل الكلام عليها، وهي في غاية الأهمية، هي استنباط الشيخ بدقته من النصوص السابقة.
بعض المسائل قد يحتار فيها القارئ لا يجد لها رابطًا واضحًا بينًا وبين ما تقدم من النصوص، فالشيخ سليمان بن حمدان حرص على بيان هذه المسائل.
هناك شروح أيضًا مبسوطة ومسهلة وميسرة، كتبت على هذا الكتاب منها: شرح الشيخ ابن عثيمين ﵀، وشرح الشيخ صالح الفوزان، وشروح كثيرة يعرفها طلاب العلم، وهي موجودة ومتداولة، هذا بالنسبة لهذا الكتاب.
وأما بالنسبة لـ (سلم الوصول) فالشرح المعروف المتداول هو شرح المؤلف، شرح الناظم نفسه الشيخ حافظ الحكمي اسمه (معارج القبول)، هذا شرح لا مزيد عليه، حقيقةً، يعني بإفاضة شرح كتابه.
وأما بالنسبة لعقيدة السفاريني فشرحها مؤلفها في شرح مطول جدًا، في مجلدين اسمه: (لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية في شرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية)، هذا الشرح مطول موسع، ولذا احتاج إلى اختصار، فاختصره شخص يقال له: محمد بن علي بن سلوم، شرحه مطبوع، ووضعه مثل وضع عثمان بن منصور، قيل عنه: إنه بينه وبين أئمة الدعوة شيء من النفرة، واختصر شرح السفاريني على عقيدته الشطي في كتاب اسمه: (مختصر لوامع الأنوار البهية بشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية)، للشيخ حسن الشطي الحنبلي، وهذا مطبوع قديمًا، من ثمانين سنة، مطبوع في دمشق، ولذا قد لا يوجد إذا بحث عنه.
1 / 13
وأيضًا اختصر لوامع الأنوار الشيخ محمد بن مانع، واقتصر منه على حاشية توضح ما يحتاج إليه من ألفاظ المتن، والشروح كلها مطبوعة ومتداولة.
وأيضًا الشيخ ابن عثيمين ﵀ شرح هذه العقيدة بشرح مبسوط، وواضح جدًا، يعني يفهمه المتوسط من طلاب العلم، على عادته وطريقته ﵀ في تذليل العلم لطلابه.
فيعتنى بهذه الشروح، وهناك شروح أيضًا تخرج تباعًا والمطابع ما زالت تتحفنا بين حين وآخر بهذه الشروح النافعة الماتعة.
يقول: هل الدروس في هذه الدورة الصيفية مرتبطة ببعض من حيث الشرح لعدم استطاعة حضور جميع الدروس؟
كل كتاب له شرحه الذي يستقل به، ولا ارتباط للسفارينية بكتاب التوحيد، وإن كان هناك تشابه كبير في مباحث الدرس الأول والثاني بين سلم الوصول وكتاب التوحيد.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"بسم الله الرحمن الرحيم": ابتدأ المؤلف -رحمة الله عليه- بالبسملة اقتداءً بكتاب الله -جل وعلا- حيث افتتح بها، وأجمع الصحابة على كتابتها في المصحف على خلاف بينهم هل هي آية أو ليست بآية، مع إجماعهم على أنها آية أو بعض آية من سورة النمل، وليست بآية من سورة التوبة، وهل هي آية من الفاتحة أو من جميع السور؟ أو آية لا من سورة بعينها، بل نزلت آية للفصل بين السور، وهذا ما يختاره شيخ الإسلام، والخلاف موجود مزبور في مكانه.
اقتداءً بالقرآن العظيم، وبسنة النبي ﵊ فهو يفتتح رسائله بالبسملة، كما في كتابه لهرقل عظيم الروم، وغيره، كلها مفتتحة بالبسملة، وإذا كان القرآن جمع فيه بين البسملة والحمدلة فإن الرسائل النبوية تفتتح بالبسملة فقط، والخطب النبوية تفتتح بالحمدلة.
والكتاب الذي بين يدينا فيه بسملة وليس فيه حمدلة في أكثر النسخ، وإن وجد في بعضها كما أشار بعض الشراح وبعض المحققين إلا أن أكثر النسخ ليس فيها حمدلة كما صنع الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، حيث اعتبر الكتاب بمثابة الرسالة لطلاب العلم، والرسائل تفتتح بالبسملة فقط، مع أن الإمام مسلم افتتح كتابه بخطبة، بين فيها منهجه وصدرها بالحمدلة كالخطب؛ لأن الخطبة للكتاب.
1 / 14
وعلى كل حال الأمر في هذا سهل، فإذا حصل الابتداء بذكر الله مما هو أعم من البسملة والحمدلة كفى، لكن الجمع بينهما كما كان أو كما حصل في القرآن أولى.
جاء في الحديث: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر» في رواية: «بحمد الله»، وفي رواية: «بذكر الله»، وفي رواية: «بحمد الله والصلاة على نبيه»، إلى غير ذلك من الألفاظ التي حكم عليها بعض العلماء بجميع هذه الألفاظ، وبجميع الطرق حكموا عليها بالضعف وأنه لا يثبت منها شيء، وإن أثبت ابن الصلاح والنووي وجمع من أهل العلم لفظ الحمد فقط، وحكموا عليه بالحسن.
وعلى كل حال الاقتداء بالقرآن يقتضي هذا، يقتضي أن نفتتح بالبسملة والحمدلة، وإن كان بعضهم -بعض المعاصرين- ممن ضاق نظره لما رأى بعض العلماء يضعف الحديث بجميع طرقه وألفاظه قال: إننا لا نعمل بحديث ضعيف،، لا نعمل بأحاديث ضعيفة، فجرد كتابه من البسملة والحمدلة؛ لأنه لا يعمل بالضعيف.
بل زاد بعضهم حتى قال في مقدمة كتابه: كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة.
هذا جهل، هذا جهل مركب، يزعم أنه يعرف وهو في الحقيقة أجهل من الجاهل.
نظيره من سمع من يقول: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، قال: سبحان الله أنت ما وصلت الأربعين كيف تقول هذا الكلام، نعم.
وسمع بعضهم من يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، .. لا، قول النبي ﵊ لعائشة إذا صادفت ليلة القدر: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني»، قال: تظن أنك في ليلة القدر؟!.
1 / 15
هذا جهل، يعني إذا ربط شيء بشيء لا يقتضي تخصيصه به، لكن قد يكون من بلغ الأربعين أولى أن يقول: هذه الكلمة ممن لم يبلغها؛ لأن النعمة بالنسبة له اكتملت، ولا يمنع أن يقولها الشاب الكبير والصغير، رب أوزعني، يعني ألهمنى أن أشكرك، إذا ألهم الشكر فقد تمت عليه النعمة؛ لأن الشكر يقتضي المزيد، فكون الإنسان يستدرك على من يقول: رب أوزعني ولمَّا يبلغ الأربعين، هذا جهل، كما أن من يستدرك من يفتتح كتابه بالبسملة والحمدلة لمجرد تضعيف من ضعف ..، يعني هل المسألة لا تثبت إلا بهذا الحديث؟ أليس بالبداءة بها اقتداء بكتاب الله وسنة نبيه ﵊؟
يعني إن لم يثبت القول ثبت الفعل، إن لم يثبت القول ثبت الفعل.
ونظير ذلك شخص جلس بعد صلاة الصبح يذكر الله حتى ارتفعت الشمس ثم صلى ركعتين، فتجد من يقول له: ليش تجلس والحديث ضعيف؟ لماذا تجلس والحديث ضعيف؟
ثبت من فعله ﵊ أنه كان يجلس، هذا على افتراض أن الحديث ضعيف، لكن بعض الناس إذا سمع شيئًا لم يحسن تطبيقه، والناس بأمس الحاجة إلى معرفة السنة، وإلى فقه السنة، وفقه تطبيق السنة؛ لأن بعض الناس قد يعرف السنة، لكن لا يحسن تطبيق السنة، ولا يفقه تطبيق السنة.
يقول: كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة، لماذا؟ لأنه سمع الشيخ الألباني -رحمة الله عليه- يقول: "الحديث بجميع طرقه وألفاظه ضعيف"، وسمع الشيخ يقول: "إن الضعيف لا يعمل به في جميع أبواب الدين".
وهذا الذي قال هذا الكلام ليس من طلاب الشيخ، ولا من المعروفين عن الأخذ عن الشيخ، يعني طلاب الشيخ لا يقولون مثل هذا الكلام؟ لكن وجد من يقول، يعني بالحرف أنا قرأتها في كتاب من الكتب يقول: "كانت الكتب التقليدية تفتتح بالبسملة والحمدلة"، إيش معناه؟
أن هذا مجرد ..، تتابعوا عليه يقلد بعضهم بعضًا من غير أصل ولا أثارة من علم، وهذا جهل مركب.
"بسم الله الرحمن الرحيم": الكلام على البسملة مذكور في الشروح وفي التفاسير وغيرها، في كلام طويل جدًا لأهل العلم، في كل كلمة من كلماتها الأربع، فلسنا بحاجة إلى أن نكرره، مع أننا تكلمنا عليها مرارًا في مناسبات كثيرة.
يقول ﵀:
1 / 16
"كتاب التوحيد": كتاب التوحيد مثل ما ذكرنا سابقًا: عنوان الكتاب الأصلي كتاب التوحيد، وهل هذه ترجمة داخل العنوان الأصلي أو أنها هي العنوان الأصلي، وقول الله تعالى هي معطوفة على التوحيد؟
يعني كتاب التوحيد وكتاب قول الله تعالى، هذا الأصل، مثل ما يقول البخاري: باب كذا وقول الله تعالى، وبعضهم يرفعها بناءً على أنها ..، على أن الواو استئنافية.
والكتاب: مصدر كتب يكتب كتابًا وكتابة والمصدر والمادة بجملتها تدل على الجمع والكتاب المراد به المكتوب الجامع لمسائل التوحيد، المكتوب الجامع لمسائل التوحيد.
والتوحيد: مصدر وحَّد يوحِّد، مصدر وحَّد يوحِّد توحيدًا، التوحيد: جعل الشيء واحدًا، التوحيد: جعل الشيء واحدًا، ولذا جاء في الحديث المروي في السنن لمَّا تشهد أشار بأصبعيه فقال النبي ﵊: «أحِّد، أحِّد»: يعني أفرد من تعبد وأشر بأصبع واحدة؛ للإشارة إلى أنه واحد، المعبود واحد.
"وقول الله تعالى": الواو هذه عاطفة، والعطف على نية تكرار العامل، فكأنه قال: وكتاب قول الله تعالى.
وإذا قلنا: أنها استئنافية ضممنا ورفعنا القول "وقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [(٥٦) سورة الذاريات] ". " ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ": الآية تدل على الغاية والهدف الذي من أجله خلق الله الجن والإنس، وهي تحقيق العبودية لله تعالى، تحقيق العبودية لله تعالى، يعني الكتاب كتاب التوحيد، والآية تدل على العبودية؛ لأنه جاء تفسير بعض السلف ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾: يعني ليوحدونِ.
يعني إذا قلنا: ﴿لِيَعْبُدُونِ﴾: المراد به العبادة: وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
صارت دلالة الآية على الترجمة التي هي التوحيد، هاه ..؟
طالب:. . . . . . . . .
مطابقة؟
طالب:. . . . . . . . .
المطابقة لو قلنا: ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾: ليوحدون، نعم، نعم بدلالة التضمن، التضمن، فالعبادة متضمنة للتوحيد، العبادة متضمنة للتوحيد؛ لأنها أعم من التوحيد؛ لأن العبادة تشمل العبادات البدنية والقلبية.
1 / 17
" ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ": هذه هي الغاية العظمى من خلق الجن والإنس، وإذا تخلى الواحد من الجن والإنس من المكلفين منهم عن تحقيق هذه الغاية صار لا فرق بينه وبين سائر المخلوقات، لا فرق بينه وبين البهائم غير المكلفة، إلا أن التبعة عليه أعظم؛ لأن غير المكلفين لا يعاقبون ولا يؤاخذون، ولذا يقول الكافر حينما يرى البهائم بعد الاقتصاص منها والمقاصة تكون ترابًا، فحينئذ يقول الكافر: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ [(٤٠) سورة النبأ].
فالمكلف عليه هذه المسؤولية العظيمة، الأمانة التي عجز عن حملها السماوات والأرض، وحملها الإنسان، فهو مكلف بهذه العبودية من غير اختيار، من غير اختيار، لا بد أن يحقق هذا الهدف، إذا لم يحقق هذا الهدف فإن مآله إلى العذاب -نسأل الله السلامة والعافية- كل بقدره وبحسبه، وبحسب ما يخل به من فروع هذه العبودية.
" ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ": هذا حصر، وقد يقول قائل: إن الجن والإنس لهم وظائف في هذه الحياة غير العبادة، وإذا نظرت بأحوال الناس وجدت أن العبادة بالنسبة لأوقاتهم إنما تستغرق جزءًا يسيرًا لا سيما إذا اقتصر على الواجبات، وترك ما لا يؤاخذ بتركه فإن نسبة فعل هذه التكاليف إلى بقية وقته نسبة يسيرة، والصلاة كم تأخذ عليه في اليوم والليلة؟
ساعة أو ساعتين من أربعة وعشرين ساعة، هذا ما يتكرر في كل يوم، الصيام يأخذ عليه واحد على اثنا عشر من عمره، الحج في عمره مرة واحدة، وهكذا، وهو مخلوق لتحقيق العبودية، وتجد أكثر الوقت عنده في أمر دنياه، لكن الأصل أن المسلم متلبس بالعبادة في جميع أحواله، وإذا التفت إلى شيء من أمور دنياه فإنما هو من أجل تحقيق هذه العبودية؛ لأنه لا يمكن أن يحقق العبودية إلا بامتثال: ﴿وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [(٧٧) سورة القصص]، لكن إذا استغرق وقته وجهده في أمور الدنيا، وجعل الدين تبع لهذه الدنيا، صار عبدًا للدنيا، «تعس عبد الدرهم، تعيس عبد الدينار»، وحينئذ يكون مخلًا بتحقيق الهدف الذي من أجله خلق، وهو تحقيق العبودية لله تعالى.
1 / 18
" ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ ": لأنه يستشكل بعض الناس يقول: الناس احنا عشرين ساعة أو أكثر من عشرين ساعة في غفلة!!
نقول: المسلم الأصل فيه أن لا يغفل عما خلق له، وإذا كان على باله تحقيق العبودية صار في عبادة، وإذا كان ينتظر الصلاة فهو في صلاة، وإذا نام من أجل أن يتقوى على طاعة الله فهو في طاعة، وإذا أكل من أجل أن يتقوى على الطاعة فهو في طاعة، فتصير أعماله كلها بما في ذلك ما نفعه محسوس، يكون كله من باب تحقيق هذه العبودية؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا تتم العبادة إلا به فهو عبادة.
"وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [(٣٦) سورة النحل] ": أولًا: كلمة التوحيد التي قال النبي ﵊: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا»، وفي وراية: «حتى يقولوا: لا إله إلا الله، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» تحقيق هذه الكلمة الذي هو التوحيد بالإثبات والنفي، بإثبات الألوهية لله -جل وعلا- وحده؛ بدليل الحصر: «لا إله إلا الله»: لا إله معبود بحق إلا الله -جل وعلا-، وفي معناه قوله -جل وعلا-: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا﴾؛ لأن هذا التوحيد مما تتفق عليه الشرائع؛ ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾؛ ﴿اعْبُدُواْ اللهَ﴾: بمثابة: «إلا الله»، ﴿وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾: بمثابة: «لا إله»، فهي تدل على كلمة التوحيد مما يدل على أن كلمة التوحيد مما اتفقت عليه الشرائع.
1 / 19