45

Sharh Kitab al-Siyasah al-Shar'iyah li Ibn Taymiyyah

شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية

Mai Buga Littafi

مدار الوطن للنشر

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

1427 AH

Inda aka buga

الرياض

أولاها على أخراها، وفّاك سيدُها أجرَك، وإن أنت لم تهنأ جَرباها ولم تُداوِ مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها، عاقبك سيدها))(١)[١].


(١) هذا الكلام كلام عجيب، يدل على أمرين:

الأمر الأول: قوة السلف في قول الحق أمام الملوك والخلفاء، ومن دونهم من باب أولى، وهي جرأة بصراحة، أمامهم، وليست جرأة من وراء الجدران، ومن بعاد الفيافي.

الثاني: حلم الخلفاء السابقين، وعلمهم بأنهم كما يقال لهم، فهو يقول: هو أعلم بما يقول. وهذا إقرار من معاوية - رضي الله عنه - على ما قاله أبومسلم الخولاني: أن الخليفة أجير، إن قام بالرعاية التامّة، أُعطي أجره كاملاً، وإن قصَّر لم يعط الأجر كاملاً.

ومعنى: «إن هنأت جرباها)) يعني: طَلَيْتَه بالهنا، وهو القطران؛ لأن الجرب يدهن بالقطران، أو شبهه؛ فيزول. والجرب: حساسية وبثور، تنبث في جلد البعير، وتصيبه، وربَّما تهلكه. ومعنى («تحبس أولاها على أخراها)) يعني: تمنع علية القوم أن يتقدموا على من دونهم؛ بل تجعل الجميع كلّهم في صف واحد، لا تفضّل أحدًا على أحد، لا يتقدم هذا على غيره، بل يوضع موضعه. ويفهم منه - أيضًا - أنه ينبغي لولي الأمر أن يقتدي بالأضعف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقتد بأضعفهم)) [٢].

[١] ينظر في تاريخ دمشق لابن عساكر (٢٢٣/٢٧، ٢٢٤) وحلية الأولياء (١٢٥/٢) ومختصرة في: سير أعلام النبلاء (١٣/٤).

[٢] رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين، رقم (٥٣١) كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً، رقم (٦٧٢)، وأحمد (٢١/٤)، والحاكم (١٩٩/١) وقال: على شرط مسلم، ولم يخرجاه، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢٦٣/١٥).

36