Sharh Kitab al-Ibana min Usul al-Diyana
شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
Nau'ikan
قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم)
[وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام:١٥٩]].
قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ أي: أحزابًا وجماعات وطوائف، فلست منهم يا محمد! في شيء، إن الله لن يحاسبك على تفرق اليهود، ولا على تفرق النصارى كما قال ﵊: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة).
فهذه الأمة صارت فرقًا وشيعًا وأحزابًا، هل النبي ﵊ سبب في ذلك؟ لا؛ لأنه قد حذر من الفرقة والاختلاف، وأمر بالاعتصام والائتلاف، ولكن هذه الأمة ركبت ما ركبه اليهود والنصارى والأمم السابقة من التفرق والتشرذم والاختلاف، فلما كان بهم شبه منهم وكان الأولون في النار؛ أخبر النبي ﵊ من اتخذ الفرقة والتشيع والتشرذم في شريعته ﵊؛ أنهم سيجازون بدخول النار؛ ولذلك قال: (كلها في النار إلا واحدة).
وفي صحيح البخاري: عن النبي ﷺ يقول: (نحن معاشر الأنبياء أبناء علات وديننا واحد)، يعني: وإن اختلفت أمهاتنا فلا يختلف ديننا: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [آل عمران:١٩].
فما من رسول إلا وقد أرسل بالإسلام، وإن اختلفت أمهاتهم، هذا أسود وذاك أبيض، هذا أحمر وهذا أصفر، هذا أعجمي وهذا عربي كلهم على اختلاف ألوانهم وأشكالهم، ومنازلهم ومراتبهم؛ إلا أنهم متفقون على وحدة الدين، وهي الأمر بعبادة الله تعالى وحده.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [الأنعام:١٥٩] أي: يا محمد! لا تخف ولا ترتجف، فهؤلاء لا يمتون إليك ولا تمت أنت إليهم ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام:١٥٩] أي: حسابهم على الله، فإنهم سيموتون ثم يبعثهم الله ﷿، ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام:١٥٩] من التفرق والشيع.
6 / 6