290

ومن حذف اسم الممدوح والتمييز معا قوله صلى الله عليه وسلم من توضأ الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل فقوله: فبها، أي فبالرخصة أخذ وقوله: ونعمت (أي نعمت) رخصة الوضوء. فحذف التمييز وهو رخصة واسم الممدوح وهو الوضوء لفهم المعنى.

ولا يكون اسم الممدوح والمذموم أبدا إلا أخص من فاعلهما. فلو كان أعم منه أو مساويا له لم يجز، لأنه ليس فيه بيان نحو: نعم الرجل زيد، فزيد أخص من الرجل لأن الرجل يكون زيدا وغيره، ولو قلت: نعم الرجل إنسان، لم يجز لأن الإنسان أعم من الرجل، لأنه يطلق على الرجل والمرأة، فإذا قلت : نعم الرجل، علم أنه إنسان فلا فائدة في ذكر الإنسان بعد ذلك.

ولو قلت: نعم الجمل جمل، ونعم البعير جمل، على لغة من يجعل البعير لا يقع إلا على الجمل لم يجز أيضا، لأنه ليس فيه فائدة، وقد يجوز: نعم البعير جمل، على لغة من يجعل البعير يقع على الجمل والناقة.

وإذا ذكرت اسم الممدوح أو المذموم فلا يحلو أن تقدمه على نعم وبئس أو تذكره بعدهما. فإن ذكرته بعدهما فمن يجعلهما اسمين يجعل نعم وبئس مبتدأين والاسم الذي بعد للممدوح أو المذموم خبرهما، أو يجعلهما خبرين والاسم الذي بعدهما مبتدأ، وكأنه قال: الممدوح زيد والمذموم عمرو، ومن يجعلهما فعلين فإنه يجعل اسم الممدوح أو المذموم إذا تقدم مبتدأ، ونعم وبئس جملتان في موضع الخبر.

فإن قيل: فكيف جاز أن تقع الجملة في موضع الخبر بغير رابط فيها وليست المبتدأ في المعنى؟ فالجواب: إن للنحويين في ذلك مذهبين: منهم من قدر مبتدأ مضمرا قبل نعم وبئس فيكون رابطا على مذهبه، كأنه قال: زيد هو نعم الرجل، وعمرو هو بئس الرجل، وهو مذهب ابن السيد، وهو فاسد لأن الجملة من نعم وبئس إذ ذاك تكون في موضع خبر ذلك المضمر، فيحتاج فيها إلى رابط آخر.

Shafi 66