245

ومنهم من ذهب إلى أنه انتصب على أنه خبر ما لم يسم فاعله، وهو مذهب أبي القاسم. وحجة صاحب هذا المذهب أنه رأى النحويين يسمون المنصوب إذا وقع بعد مرفوع ليس بفاعل خبرا نحو: ما زيد قائما، فقائما منصوب بعد مرفوع ليس بفاعل وهو زيد، فكذلك أعطي زيد درهما، درهم منصوب بعد مرفوع ليس بفاعل فسماه لذلك خبر وسمى المرفوع قبله اسم ما لم يسم فاعله.

وهذا المذهب فاسد، لأنا إذا قلنا في قائم من قولك: ما زيد قائما، خبرا فإنما نعني به الخبر الذي عملت فيه «ما» وسمي خبرا لأنه في الأصل خبر المبتدأ ولا يتصور مثل ذلك في درهم من قولك: أعطي زيد درهما، لأنه لم يكن خبرا قط.

ومنهم من ذهب إلى أن الدرهم منصوب بفعل المفعول الذي هو بمنزلة الفاعل وذلك أن المفعول الذي لم يسم فاعله قام مقام الفاعل، فكما أن فعل الفاعل نصب المفعول فكذلك فعل المفعول الذي هو بمنزلة الفاعل.

وإذا أقمت الثاني من المفعولين في باب أعطيت فقلت: أعطي درهم زيدا، فإن بين النحويين في ذلك خلافا. فمنهم من ذهب إلى أن المعنى على ما كان عليه وقت إقامتك الأول من أن زيدا هو الذي أخذ الدرهم إلا أنك أقمت الثاني. ومنهم من ذهب من أن المعنى ينعكس ، فإذا قلت: أعطي درهم زيدا، فكأنك قلت: أخذ الدرهم زيدا.

وهذا باطل عندي لأنه لم يدع إلى ذلك داع. والذي حمل صاحب هذا المذهب على ما ذكرته عنه أن سيبويه حكى أن قول العرب: أدخل فوه الحجر على القلب كأنك قلت: أدخل فوه في الحجر، وإذا قلت: أدخل الحجر فاه، كان المعنى: أدخل الحجر في فيه وليس في الكلام قلب فلما رأى سيبويه قد ادعى القلب في هذه المسألة عند إقامة الثاني وهو الفم حمل كل مسألة يقام فيها الثاني على القلب.

Shafi 21