163

وإنما قدمت ضمير الدرهم على زيد لأنه مهما أمكن أن يؤتى بالضمير متصلا لم يؤت به منفصلا، ولا يجوز تقديمه ووصله بالفعل إلا إذا عدم اللبس نحو قولك: أعطيت زيدا درهما، وكسوته جبة.

فأنت إذا أخبرت عن الثاني من مثل مفعولي هذين الفعلين جاز لك أن تصل ضمير المخبر عنه بالفعل وتقدمه على المفعول الأول لأنه يعلم الآخذ والمأخوذ والمكسو والمكسو به.

وإن كان في المسألة لبس لم يجز تقديمه ووصله بالفعل إذا أردت أن تخبر عن عمرو من قولك: أعطيت زيدا عمرا، فإنك إن أخبرت عنه وقدمته على زيد ووصلته بالفعل لم تعلم المعطى من المعطي له فتقول في الإخبار عن عمرو من المثال المقتدم: الذي أعطيت زيدا إياه عمرا. ولا يجوز حذف هذا العائد لأنه جرى مجرى الظاهر في عدم الاتصال.

وقد جرى مجراه في عدم الحذف إذا تقدم على الفعل فقلت: إياك أكرمت، فإنه لا يحذف أبدا فكذلك عومل في الأخبار تلك، وإن كان المتعدي إلى اثنين من باب ظننت فلا يخلو أن يخبر عن الأول أو عن الثاني. فإن أخبرت عن الأول بالذي قلت: الذي ظننته منطلقا زيد. وقد يجوز حذف العائد كما تقدم.

ومن الناس من منعه، لأن أحد هذين المفعولين مبتدأ والآخر خبر، ولا يجوز حذف المبتدأ وإبقاء الخبر ولا حذف الخبر وإبقاء المبتدأ.

هذا حجة من منع، والصحيح أنه يجوز حذفه لأنه لا يحذف إلا للعلم به، والمبتدأ قد يحذف للعلم به والخبر أيضا كذلك.

فهذا الذي منع من ذلك ليس له ما يتمسك به لأنه قاسه على المبتدأ والمبتدأ قد يحذف للعلم به، دليل ذلك قوله تعالى: {فصبر جميل } (يوسف: 18).

والتقدير: أمري صبر جميل أو شأني صبر جميل.

فإن أخبرت عنه بالألف واللام قلت: الظانه أنا قائما زيد. وقد يجوز حذف العائد هنا مع الألف واللام لأن الكلام قد طال بالمفعولين.

Shafi 163