[شرح جمل الزجاجى 3]
باب التمييز
التمييز كل اسم نكرة منصوب مفسر لما انبهم من الذوات.
فقولنا: التمييز كل اسم نكرة منصوب، احتراز مما عدا ذلك من المنصوبات فإنها تكون نكرات ومعارف.
وقولنا: مفسر لما انبهم من الذوات تحرز من الحال فإنه مفسر لما انبهم من الهيآت.
وزعم ابن الطراوة وبعض النحويين أنه يكون معرفة، واستدل على ذلك بقول الشاعر:
له داع بمكة مشتعل
وآخر فوق رابية ينادي
إلى ردح من الشيزى ملاء
لباب البر يلبك بالشهاد
فلباب تمييز وهو مضاف إلى معرفة، قال: ولغة العرب مشهورة: ما فعلت الخمسة عشر الدرهم، والعشرون الدرهم.
وهذا الذي استدل به فاسد. أما قوله: إن لباب البر تمييز، فباطل لأنه يحتمل أن يكون مفعولا بعد إسقاط حرف الجر.
وأما قوله: إن للعرب لغة مشهورة: ما فعلت العشرون الدرهم، فباطل لأن هذا إنما حكاه أبو زيد الأنصاري ولم يقل إنها لغة للعرب، وممكن أن يقال: إن الألف واللام فيها زائدة مثل قوله:
باعد أم العمر من أسيرها
حراس أبواب على قصورها
ويكون شاذا، فلا دليل فيه.
والتمييز لا يخلو أن ينتصب بعد تمام الكلام أو بعد تمام الاسم.
فمثال الذي ينتصب بعد تمام الكلام: تصبب زيد عرقا. ومثال الذي ينتصب بعد تمام الاسم عندي عشرون درهما.
وتمام الاسم إما بالنون كما تقدم أو التنوين مثل: رطل زيتا، أو الإضافة مثل: ما في السماء موضع راحة سحابا. أو بنية التنوين مثل: خمسة عشر درهما.
والذي ينتصب بعد تمام الاسم لا يكون إلا عددا أو مقدارا أو ما يكون بمنزلة المقدار. فمثال العدد ما تقدم. والمقادير ثلاثة: مكيلات وموزونات وممسوحات. فمثال المكيل: عندي كر شعيرا. ومثال الموزون: رطل زيتا، ومثال الممسوح ذراع ثوبا. وما جرى مجرى الممسوح: ما في السماء موضع راحة سحابا. وكله يتقدر بمن.
Shafi 1