الرابعة عشرة: الحنفيةُ يستدلون بكون الماء مطهرًا وطَهورًا على أنه لا تُشترَط النيةُ في الوُضوء، وحملوا على ذلك من الاستدلال قولَه تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١]، نصٌّ على كون الماء مُطَهرًا، ولو توقفتِ الطهارةُ على النية، لم يكنْ مجردُ الماءِ مطهرًا، قال بعضُهم: وهو التمسك بقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨].
ولفظةُ الطَّهور موجودة في الحديث، [فالذي قيل في لفظِ الآية يقال في الحديث] (١) (٢).
وهذا استدلالٌ من اللفظ بما لا يظهر أنه المقصودُ منه، وسيأتي في هذا قاعدةٌ من حيثُ إن المقصودَ من هذا اللفظ إثباتُ أنَّ الماءَ من شأنه التطهير، أما أنه هل يكفي ذلك في التطهير، أو هل يُشترَط فيه الشرطُ المعيَّن؟ فممَّا (٣) لا يظهر كونُه مقصودًا، فإن تبيَّن [بذلك] (٤) اشتراطُ أمر آخر كان راجحًا عليه، وسيأتي أنه لا يُشترَط في معارضة ما لا يُقصَد بالعموم من القوة، ما يشترط في معارضة ما يُقصد بالعموم، وعلى كل حالٍ، فهذا الاستدلالُ أقربُ من مسائلَ تأتي.
(١) سقط من "ت".
(٢) انظر: "البحر الرائق" (١/ ٦٩)، و"فتح القدير" (١/ ٨٨ - ٨٩).
(٣) "ت": "فما".
(٤) "ت": "بدليل".