Sharh Ghamami Sahih - Ibn Abdul Hadi
شرح غرامي صحيح - ابن عبد الهادي - ت الحفيان
Bincike
عمر بن سليمان الحفيان
Mai Buga Littafi
دار الفلاح - الفيوم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Inda aka buga
مصر
Nau'ikan
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للهِ حمدًا طيبًا مباركًا فيه؛ كما يحبُّ رَبُّنا ويرضى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد وآله وصحبه، ومَن بِسُنَّتِهِ اهتدى، وبأثره اقتفى.
أما بعد:
فهذا شرحٌ مختصرٌ لَطيفٌ؛ لمنظومة ابن فَرْح الإِشبيلي «غرامي صحيح» للإِمام، الحافظ، شمس الدين، أبي عبد الله، محمد بن أحمد بن عبد الهادي، المقدسي، الحنبلي، المُتوفَّى سنة (٧٤٤ هـ) رحمه الله تعالى.
وقصيدةُ ابنِ فَرْح المعنيةُ بالشرح؛ قصيدةٌ عذبةُ المعاني، بديعةُ المباني، فريدةٌ في بابها. صَاغ مؤلِّفُها فيها أكثرَ أنواع علوم الحديث في قالب غزلي رقيق؛ بأسلوبٍ سلس بديع.
ومِن ثَمَّ؛ لاقت إِقبالًا ورواجًا في أوساط العُلماء وطَلَبة العِلم، ووقعتْ منهم موقعًا حسنًا.
قال تاجُ الدين السُّبكي: وهذه القصيدة بليغةٌ جامعةٌ لغالب أنواع الحديث.
قال ابنُ ناصر الدين: .. لقد حفِظَها جماعةٌ؛ وعلى فهمها عوَّلوا.
لذا؛ نالت نصيبًا وافرًا من العِناية والاهتمام؛ مِنْ لدن عصر المؤلِّفِ ﵀ إِلى عصرنا هذا. فَرُويت، وعُورضت، وحُفظت، وشُرحت شروحًا كثيرة؛ بين مقلٍّ ومستكثر، ومُسهب وموجز.
1 / 5
وأنا أُشيرُ إِلى ما تيسَّر الوقوفُ عليه مِنْ شروحها؛ للدّلالة على عنايتهم بها ومكانتها عندهم (^١):
١ - شرح لشمس الدين، محمد بن أحمد بن عبد الهادي، المقدسي، الحنبلي، المُتوفَّى سنة (٧٤٤ هـ) وهو الشرح الذي نحن بصدد تحقيقه ونشره. ولا أعلم أنه قد طُبع مِنْ قبلُ؛ إلا ما كان من المستشرق (ريخ) حيث نشر أجزاءً من هذا الشرح في غُضون تعليقه على شرح ابن جماعة «زوال التَّرَح» في «ليدن» عام (١٨٨٥ م) (^٢)، ولم أقف على عمله ذاك.
٢ - شرح لصلاح الدين، خليل بن أيبك الصَّفدي المُتوفَّى سنة (٧٦٤ هـ).
٣ - شرح لأبي العباس، أحمد بن حسين بن علي بن الخطيب، القسنطيني، المُتوفَّى سنة (٨١٠ هـ).
_________
(^١) انظر: «أعيان العصر» للصفدي (١/ ٣١١)، «الرسالة المستطرفة» (١/ ١٨). «كشف الظنون» (٢/ ١٨٦٥، ١٣٢٩)، «الأعلام» للزركلي (١/ ١٩٥).
(^٢) دائرة المعارف الإِسلامية (١/ ٢٥٠) وتجدر الإشارة إِلى أنَّ صنيعه هذا قد أوقع عددًا ممن حقَّق بعضَ كتب ابن عبد الهادي أو فهرسها في المكتبات العامة في الوهم واللبْس، فسَمَّوا شرحه هذا «زوال التَّرَح» ثم تناقلوا هذا الخطأ وتواردوا عليه.
علمًا أنني لم أقف على أحدٍ ممن ترجم لابن عبد الهادي من المتقدمين ذكر أن له رسالة تسمى «زوال التَّرَح». وبين يدي تسع مخطوطات لشرحه المذكور؛ تنتمي لعصور وأرومات مختلفة، منها مخطوطتان نفيستان قديمتان، وقريبتا العهد مِنْ المؤلف، وبخطوط علماء لهم اختصاص بابن عبد الهادي ومدرسته، لم أجد في أيٍّ منها تسمية هذه الرسالة بـ «زوال التَّرَح». والله أعلم.
1 / 6
٤ - «زوال التَّرَح شرح منظومة ابن فَرَح» لعز الدين، محمد بن شرف الدين بن عبد العزيز بن جَماعة، المُتوفَّى سنة (٨١٩ هـ). وشرحُه هذا طُبع عام (١٤١٢ هـ) بتحقيق فهد بن قابل الأحمدي جزاه الله خيرًا.
وقيل: إِنْ لابن جماعة ثلاثة شروح لمنظومة ابن فرح؛ هذا أحدها.
٥ - شرح للحافظ قاسم بن قُطْلُوبُغا الحنفي، المُتوفَّى سنة (٨٧٩ هـ).
٦ - «البهجة السنيَّة في حَلِّ الإِشارات السنيَّة» لمحمد بن إِبراهيم بن خليل التتائي المالكي، المُتوفَّى سنة (٩٣٧ هـ).
٧ - شرح لشمس الدين، أبي الفضل، محمد بن محمد بن محمد العُثماني الشافعي المُتوفَّى سنة (٩٤٧ هـ).
٨ - شرح ليحيى بن عبد الرحمن القَرافي، فرغ منه (٩٦٢ هـ).
٩ - «المُقتَرَح في شرح أبيات ابن فَرَح» لعمر بن عبد الله الفاسي، المُتوفَّى سنة (١١٨٨ هـ).
١٠ - شرح لمحمد بن محمد الأمير الكبير، المتوفَّى سنة (١٢٣٢ هـ).
١١ - شرح لبدر الدين الحسني، المُتوفَّى سنة (١٣٥٤ هـ).
1 / 7
ترجمة ابن فَرْح الإِشبيلي (^١)
هو الإِمامُ، الحافظُ، الزاهدُ، شهابُ الدِّين، أبو العباس، أحمدُ بن فَرْح (^٢) بن أحمد بن محمد اللخمي، الإِشبيلي، نزيل دمشق، الشافعي.
_________
(^١) انظر ترجمته في: «تاريخ الإِسلام» للذهبي (٥٢/ ٣٨٣)، «طبقات الشافعية» للسُّبكي (٨/ ٢٦)، «الوافي بالوفيات» (٧/ ٢٨٦)، «أعيان العصر» (١/ ٣٠٩) كلاهما للصفدي، «نفح الطيب» لأحمد بن المقَّري التلمساني (٢/ ٥٢٨). وكلهم عالة على الذهبي في ترجمته.
(^٢) بفتح الفاء، ثم اختلفت المصادر في ضبط الراء على وجهين:
الأول: بفتح الراء.
وهو ظاهر كلام الصفدي في «الوافي» و«أعيان العصر»، وابن حجر في «تبصير المنتبه» (٣/ ١٠٧٢).
وهو ظاهر صنيع ابن جماعة حيث سمَّى شرحه «زوال التَّرَح شرح منظومة ابن فَرَح». وصنيع عمر بن عبد الله الفهري حيث سمَّى شرحه «المقترحُ في شرح أبيات ابن فَرَح». فمقتضى السَّجْع في العنوانين أن يكون «فَرَح» بفتح الراء.
الثاني: بسكون الراء.
نصَّ على سكون الراء كلٌّ من:
١ - ابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (٧/ ٦٥) وأشار إِلى خطأ ابن جماعة في «زوال التَّرَح».
وذكر الزركلي في «الأعلام» (١/ ١٩٤) أنه رآه في مخطوطة متقنةٍ لـ «التبيان لبديعة البيان» لابن ناصر الدين بسكون الراء.
٢ - أحمد بن المقَّري التلمساني. قال في «نفح الطيب»: الذي تلقيناه عن شيوخنا أنه بسكون الراء.
=
1 / 8
وُلِدَ في ثالث ربيع الأول، سنة خمس وعشرين وست مئة (٦٢٥ هـ) بإِشبيلية. (^١)
_________
(^١) وكذلك وردت الراء ساكنة في مطبوعة «معجم الشيوخ» (١/ ٨٦)، و«المعجم المختص» ص (٣٢) كلاهما للذهبي.
ومطبوعة «طبقات الشافعية» للسُّبكي (٨/ ٢٦)، ومطبوعة «ذيل التقييد» لأبي الطيب الفاسي (٢/ ١٣٨).
والظاهر: أنَّ مَنْ ضَبَطَها بالتحريك؛ ضبطها بناءً على الأصل والمشهور، والذين ضبطوها بالسكون اعتمدوا على السماع، وهذا أَولى.
قال الزركلي: لعلَّ شهرته بالتحريك، وصوابه بالسكون «الأعلام» (١/ ١٩٥).
تنبيه:
وقعت حاء «فَرح» جيمًا في المصادر التالية:
- مخطوطة «الكواكب الدراري» لابن عروة في موضعين.
والمطبوعات التالية:
- «العبر» (٣/ ٣٩٥)، «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (٢٩٢)، «الإِشارة إِلى وفيات الأعلام» ص (٣٨٥) وكلها للذهبي.
- «طبقات فقهاء الشافعية» لابن كثير (٢/ ٩٤٠).
- «درة الحجال» لابن القاضي ص (٣٦).
- «مرآة الجنان» لليافعي (٤/ ٢٣١).
- «المنهل الصافي» ليوسف بن تغري بردي (٢/ ٥٩).
وهذا خطأ بلا شك؛ لأنه قد نصَّ على إِهمال الحاء كتابةً كلٌّ من:
- الصفدي في «أعيان العصر» (١/ ٣٠٩)، و«الوافي بالوفيات» (٧/ ٢٨٦).
-والسُّبكي في «طبقات الشافعية» (٨/ ٢٦).
- وأحمد بن المقري في «نفح الطيب» (٢/ ٥٢٨).
- وابن ناصر الدين في «توضيح المشتبه» (٧/ ٩٥).
-وابن حجر في «تبصير المنتبه» (٣/ ١٠٧٢).
في حين لم ينصَّ أحدٌ على أنَّه بالجيم المعجمة.
1 / 9
أسره الفرنج سنة ست وأربعين وست مئة (٦٤٦ هـ)، ثم خلَّصه الله مِنْ بين أيديهم.
قدم إِلى الديار المصرية سنة بضع وخمسين وست مِئة، فتفقَّه على الشيخ عِزِّ الدين بن عبد السلام قليلًا وسمع منه، ومِن شرف الدين الأنصاري الحموي، والمعين أحمد بن زين الدين، وطائفةٍ.
ثم نزل دمشق، فسمع مِنْ شيخ الوقت ابن عبد الدائم، وعُمر الكرماني، وفراس العسقلاني، وخَلْقٍ.
سمع منه: الحافظ الذهبي وروى عنه في تصانيفه، والدمياطي، واليونيني، والبِرْزالي، والمقاتلي، والنابُلُسي، وأبو محمد بن أبي الوليد وكان من ألزم الطلبة له.
قال الذهبي: عُني بالحديث، وأتقن ألفاظَه ومعانيه وفقهه، حتى صار من كبار الأئمة، وذلك مضاف إِلى ما فيه من الورع والصدق والنُّسك والدِّيانة والسَّمت الحسن والتعفُّف، وملازمة الاشتغال والإِفادة.
توفي ليلة الأربعاء، تاسع جمادى الآخرة، سنة تسع وتسعين وست مئة (٦٩٩ هـ)، وشيَّعه الخَلْقُ إِلى مقابر الصوفية.
مؤلفاته:
قصيدة «غرامي صحيح» وبها اشتُهر.
شرح على الأربعين النووية.
مختصر خلافيات البيهقي - طُبع في الرياض عام ١٤١٧ هـ.
* * *
1 / 10
ترجمة الشارح ابن عبد الهادي (^١)
هو أبو عبد الله، شمس الدين، محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة، المقدسي، الجماعيلي الأصل، ثم الصالحي، الحافظ، المحدث، الفقيه، المقرئ، النحوي، المتفنن.
ولد سنة خمس وسبع مئة (٧٠٥ هـ). وقيل: أربع وسبع مئة (٧٠٤ هـ).
شيوخه:
شيخ الإِسلام ابن تيمية، والذهبي، والمِزِّي، وأبو الفضل سليمان بن حمزة، وأبو بكر بن عبد الدائم، وعيسى المطعم، وخَلْقٌ سواهم.
توفي سنة أربع وأربعين وسبع مئة (٧٤٤ هـ)، ولم يبلغ الأربعين.
قال ابنُ كثير: حصَّلَ مِنْ العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار، وتفنَّن في الحديث والنحو والتصريف والفِقه والتفسير، والأصلين، والتاريخ والقِراءات. وله مجاميع وتعاليق مفيدة كثيرة.
_________
(^١) انظر: «المعجم المختص» للذهبي (٢١٥)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٨/ ٤٦٦) ط/ هجر، «الذيل على طبقات الحنابلة» لابن رجب (٢/ ٤٣٦)، «الوافي بالوفيات» (٢/ ١٦١)، «الدرر الكامنة» (٥/ ٦١).
1 / 11
كان حافظًا جيدًا لأسماء الرجال، وطُرُق الحديث، عارفًا بالجرح والتعديل بصيرًا بعلل الحديث، حَسَنَ الفهم له، جيد المذاكرة، صحيح الذِّهن، مستقيمًا على طريقة السلف؛ واتباع الكتاب والسُّنة، مثابرًا على فِعْلِ الخيرات.
أشهر مؤلفاته:
١ - الصارم المُنْكِي في الرد على السُّبكي.
٢ - العقود الدُّرِّية في مناقب شيخ الإِسلام ابن تيمية.
٣ - المحرر في أحاديث الأحكام.
٤ - تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي.
وكل هذه مطبوعة، وله سواها كثير بن مخطوط ومطبوع.
* * *
1 / 12
ترجمة ابن عُروة الحنبلي (^١)
هو أبو الحسن، علي بن الحسين بن عروة، المشرقي، ثم الدمشقي. ويُعرف بابن زَكنون.
ولد قبل سنة (٧٦٠ هـ).
وكان في بداية أمره جَمَّالًا. ثم أعرض عن ذلك، وحفظ القرآن، وتفقَّه.
سمع مِنْ ابنِ المُحبِّ -كما أخبر عن نفسه- ويحيى بن عمر الرحبي، وعمر بن أحمد الجرهمي.
انقطع إِلى الله تعالى في مسجد القَدَم، واعتنى بتحصيل نفائس الكتب. رَتَّبَ «المسند» للإِمام أحمد على أبواب البخاري، وسمَّاه «الكواكب الدراري في ترتيب مسند الإِمام أحمد على أبواب البخاري» وشَرَحَهُ في سبعة وعشرين ومِئة (١٢٧) مجلدًا.
ثَارَ بينه وبين الشافعية شرٌّ كبير، وأُوذي بسبب الاعتقاد.
تُوفِّي يوم الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة (٨٣٧ هـ) بمنزله في مسجده، وهو مسجد القَدَم، ويقع جنوبي مدينة دمشق، وما زال قائمًا إِلى عصرنا هذا، ودُفن فيه.
قال ابن حجر: كان زاهدًا عابدًا قانتًا خَيِّرًا، لا يقبل لأحد شيئًا، ولا يأكل إِلا من كَسْبِ يَدِهِ.
_________
(^١) انظر: «إنباء الغُمْر» (٨/ ٣١٩)، «الضوء اللامع» (٥/ ٢١٤)، «السُّحب الوابلة» (٢/ ٧٣٢).
1 / 13
الأصول المعتمدة في التحقيق
اعتمدتُ في تحقيق هذه الرسالة على تسعِ مخطوطات؛ تتوزَّع على ثلاث أرومات:
الأرومة الأولى
وتضم ثلاث نسخ مخطوطة:
١ - نسخة الكواكب الدراري «الأصل»:
وهي نسخة متقنة جدًا، نقلها ابن عروة الحنبلي ﵀ في كتابه العظيم «الكواكب الدراري» في المجلد الرابع والثلاثين (٣٤)، من لوحة (١١٧) إلى لوحة (١٢١).
أصله محفوظ في المكتبة الظاهرية برقم (٥٦٥) عام.
عدد أوراقه (٢٣٠) لوحة. في كل لوحة صفحتان، أي: ما يعادل (٤٦٠) صفحة كبيرة الحجم؛ بحيث بلغت عدد الأسطر في الصفحة الواحدة (٢٨) سطرًا تقريبًا. يحتوي السطر -وسطيًا- على نحو (١١ - ١٥) كلمة.
ناسخه: هو إِبراهيم بن محمد بن محمود بن بدر الدين الحنبلي.
فَرَغَ من نَسْخه يوم الإِثنين، في الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر، سنة سبع وعشرين وثمان مِئة (٨٢٧ هـ).
وقَرَأه على مؤلِّفه ابن عروة نفسه في أحدَ عشر مجلسًا (^١)؛ في الجامع
_________
(^١) انظر: (ل ٥٢، ٦٤، ٧٨، ١٢٧، ١٤١، ١٥٣، ١٦٦، ١٧٩، ١٩٤، =
1 / 14
الأموي بدمشق؛ إِلا بعض المجالس؛ ففي مسجد الشيخ؛ وهو مسجد القَدَم. وسمعه معه ابنه محمد وغيره.
الخط قريب من الرقعي، مقروء، وواضح، ومعجم في الغالب.
أبيات المنظومة ضُبطت بالشكل في الغالب أيضًا.
٢ - نسخة رئيس الكُتَّاب (ك):
وهي نسخة قديمة ومتقنة جدًا، تقع ضمن مجموع محفوظ في مكتبة رئيس الكُتَّاب في المكتبة السليمانية باستنبول تحت رقم (١١٥٣). من لوحة (٢٨٠) إِلى لوحة (٢٨٨).
ناسخها: أحمد بن أبي بكر بن خليل بن علي بن عبد الرحمن الطبراني الكاملي.
قال عنه في «المقصد الأرشد» (^١): الشيخ العالم القدوة، عُني بالحديث كثيرًا، وسمع، وكان يتغالى في حب الشيخ تقي الدين (ابن تيمية) ويأخذ بأقواله وأفعاله، .. توفي يوم السبت تاسع عشر صفر، سنة خمس وثلاثين وثمان مئة، ودُفن بسفح قاسيون. ا. هـ.
فَرَغَ مِنْ نَسْخها في الرابع من شهر ذي الحجة، سنة (٨١٩ هـ).
الخط جميل، ومقروء، وواضح، ومعجم في الغالب.
ضُبطت كلمات القصيدة وغالب الشرح بالشكل.
والنُّسخة مقابلة على أكثر من نُسخة، كما يظهر مِنْ الإِشارة إِلى الفروق بين النُّسخ في الحاشية.
_________
(^١)، ٢٢١) من المجلد نفسه.
() (١/ ٨١) وانظر: «السحب الوابلة» (١/ ١١٢).
1 / 15
وتتفق هذه النُّسخة مع نُسخة «الكواكب» اتفاقًا كبيرًا، وتتطابق معها حتى في بعض الحواشي والسقوط. مما يُشعر أن أرومتهما واحدة.
وتنفرد هاتان النسختان -دون بقية النسخ- بنقل تعليق طويل ضُمِّن كلامًا هامًا لشيخ الإسلام ابن تيمية، فجاء فيهما بعد فراغ ابن عبد الهادي من الكلام على طُرُق معرفة الحديث الموضوع: «فصل قال كاتبه ..».
والكاتب المبهم المشار إِليه بالضمير؛ الظاهر أنه ابن عروة نفسه، لما عُرف من عنايته البالغة بالتوثيق؛ ونسبة الأقوال والمصنفات لأصحابها، فابتدأ الرسالة بنسبتها لابن عبد الهادي، ثم قال بعد ذلك: «فصل: قال كاتبه ..» أي: نفسه، ثم قال بعد ذلك: «قال شيخ الإسلام ..».
ثم إن أسلوب الكلام وطريقته ونَفَسَ البحث هو أسلوب ابن عروة وطريقته ونَفَسه.
يؤيد هذا: أنَّ ابن عروة ﵀ نُقل عنه العجائب في صدْق الفراسة والكشف، ومعرفة بواطن الأمور، وتمييز الصِّدْق من الكذب، وهذا هو بعينه موضوع الرسالة.
قال ابن المَبْرِد: «وكان له ميعاد، وله فراسة كثيرة، .. وقال شيخنا الشيخ شهاب الدين بن زيد: ما دخل مجلسَه أحدٌ وفي قلبه شيء إلا وتكلَّم في ذلك بأمر. وحكى أن شخصًا كان في جنابة قد نسيها، فدخل مجلسه، فنادى الشيخ رجلًا فقال له: قل لهذا يذهب ويغتسل ثم يأتي ..» (^١).
أو هو أحمد بن أبي بكر الكاملي، ناسخ مخطوطة رئيس الكُتَّاب؛ لأنه قال في آخرها: «وقد زدتُ فيها حواشي، وفي الأصل، وأشرت إلى ذلك ..» وهو ﵀ معروف بالزيادة على الكتب التي
_________
(^١) «الجوهر المنضد» ص (٩٦، ٩٧) وانظر بقية كلامه فإِنه هام جدًا.
1 / 16
ينسخها، فقد ذكروا في ترجمته أنه نَسَخَ «تاريخ ابن كثير» بخطه وزاد فيه أشياءَ حسنة. لكن هذه الزيادات ربما ذكرها ابن كثير في موضع آخر (^١).
فالظاهر أنَّه نَقَلَ هذه الرسالة بتمامها من «الكواكب الدراري» لابن عُروة -رحم الله الجميع- والله أعلم.
هذا؛ وفي نَقْلِ ابن عروة والكاملي مِنْ الفوائد:
- إِثبات نسبة الرسالة لمؤلِّفها؛ لقُرْبِ عهديهما به، وكونهما من بلده «دمشق»، ويوافقانه في المذهب والاعتقاد والدعوة. ولا يخفى ما لابن عُروة ﵀ من اهتمامٍ بالغٍ، وعنايةٍ فائقةٍ بابن تيمية ومدرسته؛ التي يُعَدُّ ابن عبد الهادي ﵀ مِنْ أعلامها والذَّابِّين عن حياضها، والرافعين لواءها. وكذلك ما ذُكِرَ في ترجمة الكاملي مِنْ ولوعه واهتمامه بابن تيمية ومدرسته.
- الدقة والإِتقان في نقل الرسالة؛ لأن ابن عروة غالبًا ما ينقل رسائل وفتاوى ابن تيمية وتلامذته مِنْ خطِّهم مباشرة، أو مِنْ خَطِّ بعض تلامذتهم، أو أن تكون الرسالة مِنْ مروياته.
٣ - نسخة ليدن (ل):
وهي نسخة تقع ضمن مجموع محفوظ في ليدن بهولندا، من لوحة (٦٣) إلى لوحة (٦٦).
لم أتبين ناسخها، ولا تاريخ نسخها.
خطُّها نسخي معتاد، وواضح، ومعجم.
وتتفق مع نسخة ابن عروة والكاملي. وتَقْصر عنهما في الدِّقة والإتقان. ومع أنها مقابلة، إلا أنه يوجد فيها سقط وتصحيف كثير.
_________
(^١) «المقصد الأرشد» (١/ ٨١).
1 / 17
الأرومة الثانية
وتضم أربع نُسَخ خطية متأخِّرة، وعنها صُور في قسم المخطوطات في جامعة الملك سعود بالرياض. وأرقامها.
(س ١): ٢٥٠٣/ ٢ م.
(س ٢): ٧٧٢٠/ ٢ م.
(س ٣): ٧٥٢٥/ ١ م.
(س ٤): ٧٧٨٠/ ١ م.
وهي نُسَخٌ متأخِّرة حافلة بالسقوط والتصحيفات، ويتَّفق بعضُها مع بعضٍ على جُملةٍ مِنْ السقوط والتصحيفات. ثم أخذ كلُّ ناسخ بحظه مِنْ السقط والتصحيف. لكنها لا تخلو -بمجموعها- مِنْ فائدة.
الأرومة الثالثة
وتضم مخطوطتين:
١ - (ص): وتقع ضمن مجموع أصيل محفوظ في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية - قسم المخطوطات تحت رقم (٢٩٣٩) وقد طُمس الختم والتملك الأول للمجموع، وفُقِدَ أكثرُ رسائله بحيث لم أتمكن من معرفة اسم ناسخ الرسالة، أو تاريخ النسخ. وهي نسخة كاملة وخطها واضح ومعجم ومقروء.
وتنفرد هذه المخطوطة عن بقية المخطوطات بأمرٍ هام، وهو أنها حافلة بالزيادات الهامَّة والمفيدة في الشرح، بل إنَّ بعض الفقرات قد اختلفت صياغتها. ولعلها إِخراجٌ (إِصدار) أول للكتاب، ثم عاد الشارح ابن عبد الهادي ﵀ إِليه بالتنقيح والاختصار، والعكس
1 / 18
وارد وإِنْ كان هذا هو الأَولى؛ لأن المحدثين والأئمة المحققين كانوا أميلَ إِلى الاختصار والتنقيح منهم إِلى الزيادة والبسط؛ كما يرى عَددٌ مِنْ الباحثين. والله أعلم.
٢ - (س ٥): نسخة محفوظة في قسم المخطوطات - في جامعة الملك سعود تحت رقم (٥٩٧٣).
وهي نسخة ملفَّقة مِنْ الأرومة الثانية والثالثة.
فاللوحات الثلاث الأولى منها كُتبت بخطٍّ نسخي كبير وواضح بما يتفق مع الأرومة الثانية. ثم أُلحق بالحاشية بخط مغاير بعضُ الزيادات مِنْ الأرومة الثالثة. وذلك يستغرق إِلى نهاية مبحث «المدرج» تقريبًا.
ثم استُكمِلت بخطٍّ مغاير؛ بما يتفق مع الأرومة الثالثة (ص) تمامًا.
ولكن؛ لدى مقابلة متن المنظومة الوارد عندنا في الأصول على بعض المصادر التي اعتنت بنقلها؛ راعني كثرة الاختلاف في ألفاظ هذه المنظومة بين المصادر المختلفة.
وهذا من معضلات الخط العربي، أنه يحتاج إِلى إِعجام بالنقط، وضبط بالشكل، كما أنَّ بعض الحروف قد تتشابه في الرسم، وغير ذلك مما لا يخفى.
الأمر الذي قد يؤدي إِلى التصحيف واللبْس في القراءة والنقل مِنْ النص المكتوب، لذلك اعتمد المسلمون منذ فجر الإِسلام على المشافهة والتلقي مِنْ أفواه الرجال، ولم يكونوا يعتمدون على الوِجادة؛ إِلا في الأعصار المتأخرة.
ويبدو أنَّ هذه المشكلة كانت قائمة مستفحلة في عصر الناظم، وكانوا يعانون من هذا الأمر أشدَّ المعاناة.
قال تلميذُه الذهبي: «هذا فَعَله عِدَّة من الأئمة (وهو دَفْنُ كتبهم)، وهو
1 / 19
دالٌّ أنَّهم لا يرون نقل العِلم وِجادة، فإِن الخط قد يتصحَّفُ على الناقل، وقد يُمكن أن يُزاد في الخط حرفٌ فيغيَّر المعنى، ونحو ذلك. وأما اليومَ فقد اتسع الخرقُ، وقلَّ تحصيلُ العِلم مِنْ أفواه الرجال، بل ومِن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يُحسن أن يتهجَّى» (^١).
لذا؛ انتخبت أوثق تلك المصادر، وقابلت المنظومة عليها، ونَبَّهتُ على الفروق ذات الأهمية في الحاشية، وإليك وصف مختصر لها:
١ - المعجم اللطيف للإِمام الذهبي.
وهو معجم لشيوخه خَرَّجَهُ لنفسه، واكتفى فيه بذكر رواية واحدة عن كلِّ شيخ، ولم يتصدَّ لتراجمهم؛ لأنه استوعب ذلك في معجمه الكبير، .. وجُلُّ المرويات أحاديث وآثار، وفيها بعض النقول، وختمها بقصيدة شيخه الحافظ أحمد بن فَرْح الإِشبيلي في أنواع الحديث، المشهورة بـ «غرامي صحيح» (^٢).
قال الذهبيُّ في آخره: «أنشدنا الحافظ القدوة، شهاب الدين، أبو العباس، أحمد بن فَرْح الإِشبيلي لنفسه؛ سنة خمس وتسعين وست مئة قال: ..» ثم ساق متن المنظومة كاملًا.
ولَديَّ نسختان خطيتان له:
أ- نسخة الظاهرية (م ١) وهي محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم (١٢/ ٣٧٤٥) عام. ومنقولة من خَطِّ الذهبي مباشرة. ناسخها هو محمد بن أبي بكر بن أبي عمر بن زريق، بتاريخ سبع وثلاثين وثمان مئة. (٨٣٧ هـ).
_________
(^١) «السِّير» (١١/ ٣٧٧).
(^٢) عن مقدمة تحقيق «المعجم اللطيف» ص (٧) ضمن مجموع «ست رسائل للحافظ الذهبي» تحقيق: جاسم الدوسري، جزاه الله خيرًا.
1 / 20
ب- نسخة سبط ابن حجر العسقلاني (م ٢)، ويوجد لها نسخة على شريط في جامعة الإِمام في الرياض تحت رقم (٧٢٥/ ٢) ناسخها هو سبط ابن حجر العسقلاني.
٢ - «طبقات الشافعية الكبرى» (ط) لتاج الدين، أبي نصر، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السُّبكي المُتوفَّى سنة (٧٧١ هـ) (٨/ ٢٧) تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو - محمود محمد الطناحي.
قال السُّبكي: «أنشدنا الحافظ أبو العباس، أحمد بن المظفر بن أبي محمد النابلسي -بقراءتي عليه- قلت له: أنشدكم الشيخ الإِمام الزاهد، شهاب الدين، أبو العباس، أحمد بن فَرْح لنفسه ..» ثم ساق المنظومة بكاملها.
٣ - «أعيان العصر وأعوان النصر» (ع) لصلاح الدين، خليل بن أيبك الصدفي، المُتوفَّى سنة (٧٦٤ هـ) (١/ ٣١٠) ط/ الفكر.
٤ - «زوال التَّرَح في شرح منظومة ابن فرح» (ز) لعز الدين، محمد بن شرف الدين بن عبد العزيز بن جماعة، المُتوفَّى سنة (٨١٩ هـ) تحقيق: فهد بن قابل الأحمدي.
٥ - «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب» (ن) للشيخ أحمد بن محمد بن أحمد المقّري، المُتوفَّى سنة (١٠٤١ هـ) (٢/ ٥٣٠) تحقيق: إِحسان عباس.
* * *
1 / 21
منهج التحقيق:
١ - اعتمدت الأرومة الأولى (نسخة ابن عروة والكاملي وليدن) لأسباب تقدم توضيحها، واخترت نسخة «الكواكب» أصلًا، وقابلتها بنسخة الكاملي (ك) وليدن (ل).
٢ - ثم قابلت بِنُسخ الأرومة الثانية (س ١، س ٢، س ٣، س ٤).
٣ - ثم قابلت بنُسختي الأرومة الثالثة (ص، س ٥) وأثبتُّ زياداتهما في الحاشية.
٤ - خرَّجت الأحاديث والآثار.
٥ - عرَّفت ببعض الأعلام غير المشهورين.
* * *
1 / 22
نموذج من نسخة الكواكب (الأصل)
1 / 23
نموذج من نسخة رئيس الكُتَّاب (ك)
1 / 24