الشرح: أما تعلق هذا بما قبله، فلأنه فهم مما تقدم نفع النوم وأنه بطبعه نافع، فأراد أن يبين أنه مع نفعه فإن الإفراط منه مؤذ، فغيره بطريق الأولى. ونقول: الأرق يقظة مفرطة، وكان ينبغي أن يجعل في مقابلته السبات إلا أن السبات ليس نوما طويلا فقط، بل وثقيلا أيضا، بحيث يعسر الانتباه منه. وليس يتوقف كون النوم الطويل علامة رديئة على كونه ثقيلا، وإنما كان الإفراط منه (43) علامة رديئة؛ لأن ذلك يدل على سوء المزاج المفرط. أما النوم فعلى فرط برد مخدر للدماغ، أو فرط رطوبة مرخية مانعة من نفوذ الروح، أو فرط تحلل من الروح وقلته فلا يفي بالانبساط عن المبدأ. وأما الأرق فعلى فرط اشتغال الدماغ أو حدة الأبخرة المتصعدة إليه، أو اشتعال الروح وناريتها لفرط حرارة أو يبس، ولا خفاء أن ذلك رديء بما هو علامة وبما هو سبب. فإن النوم B إذا أفرط غلظ جوهر الروح وكدره وغلظ المواد ومنع التحلل، فغلظ المواد وأرخى القوى النفسانية كلها. والأرق يجفف الدماغ ويضعف القوى بفرط التحليل.
[aphorism]
قال أبقراط: لا الشبع ولا الجوع ولا غيرهما من جميع الأشياء بمحمود إذا كان مجاوزا للمقدار الطبيعي.
[commentary]
Shafi 68