Sharhin Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Nau'ikan
الشرح (192): ومن الأشياء التي يختلف بها (193) تقدير الغذاء في المرض والصحة (194) PageVW2P017A السن (195) والشهوة. والأسنان أربعة؛ لأن البدن إن كان آخذا في التزيد في أقطاره الثلاثة فهو في سن النمو، PageVW1P009B وإلا فإن كان ما فيه من الرطوبات (196) وافيا بحفظ حرارته فهو في سن الشباب، وإلا فإن كان مع نقصان ظاهر من القوة فهو في سن الشيوخ، وإلا فسن الكهول. والفتيان هم الذين في آخر سن النمو، وذلك من حين يبقل الوجه، وما دون ذلك الصبيان. وقد ينقسم (197) سن النمو إلى أقسام أخر، نذكرها بعد إن شاء الله تعالى. والصوم يراد به لغة الإمساك عن الأكل مدة مديدة، وبهذا المعنى لا يصدق على PageVW0P018B الشيخ أنه أحمل الناس للصوم فإن المشايخ لا يحتملون تأخر الغذاء لضعف قواهم، والكهول أحمل لذلك منهم. ويراد به الاكتفاء بالغذاء (198) اليسير، والشيخ أحمل لذلك؛ لقلة ما يتحلل من بدنه، لضعف حرارته، ولضعف قوته عن هضم الغذاء الكثير. PageVW2P017B وقوة (199) الشهوة إنما يقل معها احتمال الصوم إذا كانت صحيحة، لأنها إنما تكون كذلك إذا كان البدن كثير الاستعمال للغذاء. وأما الشهوة المرضية فقد يكون ترك الغذاء مدة نافعا فيها، محتملا.
[aphorism]
قال أبقراط (200): ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغريزي فيه على غاية مايكون من الكثرة، ويحتاج من الوقود إلى أكثر مما (201) يحتاج إليه سائر الأبدان، فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص. وأما المشايخ فالحار الغريزي فيهم قليل (202)، ومن قبل ذلك ليسوا يحتاجون من الوقود إلا إلى اليسير، لأن حرارتهم تطفأ من الكثير، ومن قبل ذلك (203) أيضا ليست (204) تكون الحمى في المشايخ PageVW0P019A حادة كما تكون في الذين في النشوء؛ وذلك لأن أبدانهم باردة.
[commentary]
الشرح (205): هذا الفصل كالمتمم للمتقدم، ولو زيد في أوله "لأن" فقيل: "لأن ما كان من الأبدان في النشوء فكذا وكذا" لحسن (206) ذلك وصار الكل فصلا واحدا. والحار هو ذو الحرارة PageVW2P018A PageVW1P010A وهو الجسم الحامل لها. وأما الحرارة فهي الكيفية المعروفة، وربما تجوز فقيل كل واحد منهما على الآخر. واختلف الأولون في حرارتي الصبي والشاب أيهما أشد، والحق ما قاله جالينوس وهو أن الحرارة فيهما واحدة، لكنها في الصبي فاشية في جسم رطب فتكون كحرارة ماء الحمام، وفي الشباب فاشية في جسم يابس فتكون كحرارة أرض الحمام؛ وقد استقصينا الكلام في (207) مذاهبهم وحججهم في المباحث القانونية فليرجع إليه. واختلفوا أيضا في الحرارة الغريزية، فقيل: هي مزاج الروح. وقيل: هي مزاج البدن كله. وقيل: هي الحرارة PageVW0P019B النارية العنصرية. وقيل: إنها من نوع الغريبة، لكنها إن كانت معتدلة كانت غريزية، وإذا أفرطت صارت غريبة. وقيل: الحرارة واحدة، لكنها (208) بالنسبة إلى فعلها في مادة الغذاء بالإنضاج والهضم وغير ذلك، أو إلى فعلها في الفضول بالإنضاج والدفع تسمى غريزية، وبالنسبة PageVW2P018B إلى فعلها في المادة عفنا وفسادا تسمى غريبة. وهذه الأقوال كلها فاسدة؛ أما الأول والثاني فلأن الحرارة الغريزية كلما ازدادت قوة وشدة ازدادت الأفعال الطبيعية قوة وجودة، يعرف ذلك بحال الأسنان وأوقات السنة. ومزاجا (209) البدن والروح ليسا كذلك، فإن كل واحد منهما إذا زادت (210) سخونته أثر ضررا. وأما الثالث: فلأن آثار الحرارة النارية مباينة لآثار الحرارة الغريزية، ويلزم ذلك تنافيهما بالحقيقة. وأما الرابع: فإن الحرارة الغريزية عند الإفراط إن تغيرت حقيقتها لم تكن الغريبة (211) من نوعها، وإلا لم يكن فعلها مخالفا لما PageVW0P006A كان أولا في نوعه، بل قد (212) يشتد. وأما الخامس: PageVW1P010B فإن الحرارة الواحدة (213) يستحيل أن يصدر عنها في المادة الواحدة أفعالا (214) متنافية، فمحال أن يصدر عنها عفن الفضول وإنضاجها وإصلاحها. والحق أن هذه الحرارة PageVW2P019A مخالفة لغيرها من الحرارات الخمسة (215) وأن اسم الحرارة يقال عليها وعلى غيرها باشتراك الاسم. قوله: "ما كان من الأبدان في النشوء فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة" الحار الغريزي هو الرطوبة الغريزية التي تقوم بها الحرارة الغريزية، وهذه الرطوبة في سن النشوء إلى النمو في غاية ما يكون من الكثرة، لأن هذه الرطوبة لابد وأن تتحلل على الاستمرار ضرورة مقارنة الأسباب المحللة لها، الداخلة والخارجة. ودوام ملاقاة الفاعل للمنفعل زيادة في التأثر (216)، فلابد وأن يكون التحلل (217) يزداد على الدوام. وما يرد من الغذاء لا يمكن أن يزداد دائما؛ لأن الوارد في كل وقت غير المتقدم، فلا يكون PageVW0P006B فعل القوة في منفعل واحد ، وذلك يوجب كلال القوة لازدياد قوتها، ويلزم ذلك أن يكون الغذاء الوارد في آخر الأمر أقل من المتحلل، وإن كان في أول الأمر أكثر منه، ويلزم ذلك نقصان الرطوبة. وما دام (218) الوارد أزيد PageVW2P019B من المتحلل كان البدن في النمو، فتكون الرطوبات الغريزية حينئذ في غاية الكثرة. فإن قيل: لو صح ما قلتم لوجب أن تكون هذه الرطوبة في آخر سن النمو أزيد مما كانت عند ابتداء الكون (219)، لأجل ازديادها في كل وقت، وذلك باطل، وإلا كانت تكون أبدانهم ألين. قلنا: لا يلزم ذلك أن تكون أبدانهم ألين، لأنها تكون قد تصلبت بفعل الحرارة الغريزية. ثم كون الرطوبات PageVW1P011A فيهم أكثر لا يلزم ذلك (220) أن تكون في المقدار المساوي من أبدانهم لأبدان الأطفال أكثر، بل قد تكون في ذلك المقدار أقل، مع أنها في جملة البدن أكثر، فلا يلزم ذلك أن يكون استيلاء الطبيعة على كل جزء من أبدان المستكملين كاستيلائها على مقدار ذلك الجزء من أبدان الأطفال. قوله: PageVW0P020A ويحتاج من (221) الوقود إلى أكثر مما يحتاج إليه سائر الأبدان؛ سبب ذلك من وجهين: أحدهما: أنهم يحتاجون إلى النمو، وإنما يكون ذلك بغذاء أزيد من المتحلل (222)، ولا كذلك غيرهم. [TH2 20a]. وثانيهما: إن المتحلل (223) من أبدانهم كثير؛ لأجل رطوبتها فتكون الحاجة إلى الخلف أكثر. قوله: " فإذا لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص" سبب ذلك زيادة التحلل. وسمي الوارد أولا وقودا لأن مراده أولا بيان زيادة الحرارة في أبدانهم، وذلك لا يوجب لذاته زيادة الغذاء من جهة أنه غذاء، بل من جهة أنه وقود. وأما ههنا فمراده بيان (224) حاجتهم إلى خلف المتحلل، وذلك لا يوجب زيادة الوقود، بل زيادة الغذاء. قوله: "وأما (225) المشايخ فالحار الغريزي فيهم قليل" سبب ذلك أن الوارد من الغذاء إذا صار بقدر المتحلل فإن ذلك هو سن الشباب، وحينئذ تكون الرطوبات الغريزية بقدر تحفظ الحرارة الغريزية فقط ولا تفضل للنمو. فإذا صار الوارد أقل، انتقل البدن من سن الشباب إلى سن الكهولة، PageVW0P020B وحينئذ تنقص الرطوبات الغريزية لامحالة على الاستمرار، إلا أن هذا الانتقاص (226) [TH2 20b] لا يكون متشابها بل كل وقت يتزايد؛ وسبب ذلك أن الرطوبة إذا نقصت ضعفت الحرارة الغريزية، ويلزم ذلك ضعف الهضم، PageVW1P011B ويلزم ذلك نقصان الوارد، فيكون نقصانه حينئذ لكلال القوة ولضعف الحرارة. ثم يلزم ذلك استيلاء البلغم والرطوبات الغريبة لأجل ضعف الهضم فيلزم ذلك زيادة انطفاء الحرارة وزيادة ضعف الهضم، فيكون الوارد بعد ذلك أكثر نقصانا. وإذا كان كذلك فإنما ينتقل البدن إلى الشيخوخة إذا صار الحار الغريزي قليلا جدا. قوله: "ومن قبل ذلك أيضا ليس تكون الحمى في المشايخ حادة كما تكون في الذين (227) في النشوء وذلك لأن أبدانهم باردة". أما برد أبدان المشايخ فظاهر؛ وذلك لأجل انحلال (228) الجوهر الهوائي منهم وغلبة الأجزاء الأرضية وكثرة ما يتولد فيهم من البلغم والرطوبات المائية، ويلزم ذلك PageVW0P027A أن تكون حماهم ضعيفة الحرارة؛ لأن الجسم البارد لا يستعد للتسخن كاستعداد (229) الجسم PageVW2P021A الحار. ولكن ههنا إشكال وهو أن أبقراط جعل ذلك لأجل قلة (230) حارهم الغريزي، وذلك لا يلزمه قلة التسخن بالحرارة الغريبة، فإنا بينا اختلاف الحرارتين بالحقيقة، خصوصا واستيلاء الحرارة الغريبة إنما يكون عند قصور الغريزية عن الدفع.
[aphorism]
قال أبقراط (231): الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع، والنوم فيهما (232) أطول ما يكون، فينبغي أن يكون ما يتناول من الغذاء في هذين الوقتين (233) كثيرا (234)؛ لأن (235) الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين كثير، ولذلك يحتاج إلى الغذاء (236) أكثر (237)، والدليل على ذلك أمر الأسنان والصريعين (238).
[commentary]
Shafi da ba'a sani ba