Sharhin Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Nau'ikan
البحث الأول:
في صلة هذا * الفصل (650) بما قبله * وهي (651) أنه لما ذكر في بعض الفصول المتقدمة شيئا من أحكام الصحة وهو أنه لا ينبغي أن يجمع بين الحركة والجوع ولا يعطي الإنسان غذاء كثيرا وأن ملء البدن من الشراب أسهل على قوته من ملئه من الطعام وغير ذلك أخذ في هذا الفصل يتكلم في شيء من أحكام المرض. وقدم أحكام الصحة على أحكام المرض لأن الصحة أشرف من المرض وتقديم الأشرف على الأخس واجب. وإنما قلنا الصحة أشرف من المرض لوجهين أحدهما أن الصحة تتم بالاعتدال والمرض بالخروج عنه والاعتدال أشرف من مقابله. الثاني ان بوجود الصحة يمكننا أن تحصل السعادة الآجلة والعاجلة والمرض مانع في ذلك، وما هو معين على تحصيل السعادتين المذكورتين أشرف مما هو مانع في ذلك. وذكر حكما من أحكام الأمراض الحادة لأنها أكثر وجودا وأشد خطرا. أما الأول فاسقراء أحوال الوجود يدل عليه فإن أكثر أمراض الناس حميات صفراوية ودموية. وأما الثاني فلان موادها خروجها عن الاعتدال في الكيفية وذلك مضر بالقوة. ولذلك لما حدها جالينوس قال إنها القصيرة المدة الشديدة PageVW5P078A الخطر.
البحث الثاني:
قال جالينوس في شرحه لهذا الفصل: المرض الحاد هو ما له مع سرعة انقضائه عظم وحمى يوم. وإن كانت سريعة الانقضاء فليست تسمى مرضا حادا. وعلى هذا تكون قسمة الأمراض ثلاثة: حادة ومزمنة وليست بحادة ولا مزمنة، كحمى يوم. قال: ثم أن الحادة على نوعين إما إن تكون موادها مستقرة متحيزة في موضع معين كذات الجنب وذات الرئة والذبحة. وإما إن لا يكون كذلك كالحميات الخالية من الأورام. وحمى المرض الحاد مطبقة دائمة على الأكثر فإن القليل من الأمراض الحادة يكون * من (652) غير حمى كالسكتة والفالج. فقد جعل الفالج من الأمراض الحادة وليس بصحيح. وذلك * أنه (653) اشترط في المرض الحاد الشدة وقصر المدة وحال الفالج ليس كذلك. فإن قيل أن مراده هاهنا بالفالج الكائن عن مواد حادة أو عن ورم، فنقول: مثل هذا النوع من الفالج لا * يخلو (654) عن حمى * وقد (655) قال إن القليل منها أي من الأمراض الحادة لا تكون معه حمى كالفالج. والذي أقوله في هذا الباب إن الفالج له اعتبار أن أحدهما بالنسبة إلى حدوثه، * وثانيهما (656) بالنسبة إلى زواله وبرئه. فإن نظرنا إليه * من جهة الاعتبار (657) الأول كان مرضا حادا لأن حصوله * قليل أي حصوله (658) * قصير (659) وهو شديد الخطر لتمكنه من الجانب المستولي عليه. وإن نظرنا إليه * من جهة الاعتبار (660) الثاني كان مرضا مزمنا لتطاول مدة علاجه وعسر زواله ولأنه ليس فيه خطر بالنسبة إلى جملة البدن من حيث هو فالج. وأما جعله السكتة من الأمراض الحادة فهو صحيح لأنها قصيرة المدة وفيها شدة.
البحث الثالث
في بيان * ضعف (661) الحكم المذكور في الأمراض الحادة. وذلك لأن مواد الأمراض الحادة أكثر حركة وانتقلا من مواد الأمراض المزمنة ولا شك أن كل مادة * يختلف (662) إيجابها للأعراض بحسب مواضعها فإنها عندما تكون في المعدة تحدث غثيانا * وكربا (663) * وقيئا وفواقا (664) وربما أوجبت غشيا. فإذا انصبت إلى المعاء حصل منها مغص وغير ذلك من الأعراض الخاصة بهذا العضو. وعندما تنصب إلى الكلى تحدث منها أعراض أخر. فإذا انحدرت إلى المثانة حصل منها أعراض أخر. فإذا دلت علامة من المرض الحاد على حاله أي على الموت أو على البرؤ جاز أن يقع مقابلها عند انتقال المادة فيقع مقابل مقتضى تلك العلامة. وحينئذ لا * تثق بشيء (665) من العلامات التي في الأمراض الحادة بخلاف مواد الأمراض المزمنة، فإن حركة موادها بطيئة وقليلة لأنها باردة غليظة فيكون استقرارها وسكونها في العضو المنصبة إليه أكثر وأدوم فيكون الحكم المأخوذ من دلائل تلك أوثق وأجزم. قال الرازي: هذا الكلام فيه نظر وهو أن لكل مادة علامة مخصوصة. ولكل عضو أعراض مخصوصة. فإذا حلت المادة في عضو من الأعضاء ضبطنا علامتي المادة والعضو وحكمنا * بالموت أو بالبرؤ (666) في المرض وكان حكما صحيحا. أقول: هذا، وإن كان حقا، غير أن زمان حلول المادة * في العضو (667) لقصره لا * يمكننا (668) أن نضبظ * فيه (669) جميع العلامات الخاصة بالعضو وبالمادة PageVW5P078B * حتى يحكم بها على الموت أو على البرؤ. وكل ذلك بحركة المادة (670) وانتقالها من عضو إلى عضو. ولهذا قال: في غاية الثقة، أي في غاية البعد عن الزلل والخطأ. وإلا فقد يحكم في الأمراض الحادة بأحكام دالة على * البرؤ (671) PageVW1P036A أو على * الموت (672) . * وفي (673) بعض الأوقات قد لا يصح ذلك الحكم ويخطئ الطبيب الحاذق في التقدم بذلك. وقدم أبقراط ذكر الموت على ذكر البرؤ فيما ادعاه في الأمراض. وذلك لأن مواد الأمراض الحادة ضررها بالقوة أشد من ضررها بالأوعية لخروجها في الكيفية فكون إمكان وقوع الموت عنها أكثر من وقوع البروء * فلذلك قدمه (674) .
البحث الرابع:
قال ابن أبي صادق: ويشبه أن تكون العلة في ذلك أن الذي يبلغه علمنا بالعلامات ويظهر لنا ليس هو المقدار الذي لا يخطئ فيه لأنه ليس ضروريا لازما بحالة واحدة كالحال في الكسوفين بل هو حدس وتخمين وتقريب علمي. ولذلك فهو داخل في الممكن الأكثري. والممكن الأكثري ينقلب على البدل في الأقل وفي النادر فإن إمكان الإنسان ذا خمس أصابع في الأكثر ينقلب على إمكانه ذا ست أصابع أو أربع وإلى هذا المعنى أشار الفاضل جالينوس في كتابه في البحران قائلا بأن العلامات الدالة على السلامة والعطب ليست تدل دائما دلالة واحدة فبالأحرى * أن (675) الحكم فيها بالبرؤ أو بالموت لا يكون في غاية الثقة. وهذا الكلام قريب مما ذكرناه.
20
[aphorism]
Shafi da ba'a sani ba