Sharhin Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Nau'ikan
مراده * هاهنا بالشبع (164) الامتناع من الطعام وبالجوع الشهوة الكاذبة. والأول له أسباب إما حرارة مفرطة مسيلة للمواد مالية للفرج التي في فم المعدة وإما برد مفرط مميت للقوة الحساسة والحاذبة اللتين في المعدة وإما مواد بلغمية مستولية على المعدة ترخيها وتضعف الشهوة. وفي مثل هذه الصورة تنفر الطبيعة عن الطعام إلا ما * كان (165) فيه حرافة ثم يعرض من تناله عثيان مفرط ونفخ وتمديد في المعدة وإما نوازل تنزل من الدماغ إلى فم المعدة فتبلد حسه وتضعف قوته وإما امتلاء مفرط في البدن وقلة التحلل فتشتغل الطبيعة بهضم ما فيه. ولذلك * صار الدب (166) تستغني عن الغذاء مدة * مديدة (167) طويلة حتى قيل مدة الشتاء بكماله. وكذلك القنفذ وكثير من الحيوانات. قال بعضهم وذلك لأن في أبدان هذه الحيوانات خلطا متوفرا فجا تشتغل الطبيعة بهضمه * إنضاج (168) واستعماله بدل ما يتحلل. وقد علم أن الحاجة إلى تناول الغذاء هو أن يسد بدل ما يتحلل. فإذا لم يكن تحلل أو كان للمتحلل بدل لم يحصل الافتقار إلى الغذاء من خارج. وإما اشتغال الطبيعة بإصلاح خلط رديء PageVW5P062A عن طلب الغذاء وجد به، وذلك كما في الحميات التي يصبر الإنسان فيها عن استعمال الغذاء وجذبه مدة طويلة. فإن الطبيعة في مثل هذا الوقت تعرض عن الجذب وتقبل على الدفع. وإما لانقطاع السوداء المنصبة على الدوام من الطحال إلى فم المعدة وهذه السدة تارة تكون في المجرى الأعلى ووتارة تكون في المجرى الأسفل. والفرق بينهما أنه متى كانت في الأغلاء كان حودث * السكون (169) بالتدريج لأن المنصب إلى الطحال يندفع إلى فم المعدة أولا فأولا. ومتى * كانت (170) في الأسفل كان ذلك دفعة * واحدة (171) . وإما لبطلان القوة الحساسة الآتية إلى فم المعدة من الدماغ. وذلك إما لآفة في الدماغ نفسه وإما لآفة في العصبة نفسها. وعند ذلك لا يحس بامتصاص العروق منها. والفرق بينها أن في الأول يكون الضرر والخلل في الحواس جملة وفي الثاني خاص بشهوة الطعام. وإما لضعف الكبد بسبب إسهال دم متواتر فتضعف القوة الشهوانية. وإما لديدان تؤذي المعدة بالمجاورة. وإما لسوداء مفرطة المقدار تنصب إلى المعدة فتحوجها إلى القذف والدفع دون الأكل والجذب. وأما لأفراط حر الهواء أو برده حتى يحلل القوة بحره أو يحدرها ببرده أو يمنع التحلل. وإما لترك استعمال أمر معتاد ومقو للشهوة والهضم كمن كان معتادا لاستعمال الشراب ثم هجره. وإما لأمر نفساني * مشغل (172) الطبيعة عن تقاضي الغذاء وطلبه. وأما الثاني الذي هو الشهوة الكاذبة فله أسباب أيضا * منها استفراغت مفرطة محوجة إلى استعمال (173) الغذاء. ومنها ضعف القوة الماسكة وشدة تخلخل * البدل (174) فيفرط التحلل ويشتد التوق إلى كثرة البدل. ومنها حرارة المعدة فيدوم التحلل ويستدعى البدل ويكون فم المعدة كأنه دائما جائع. وإما لديدان وحيات متولدة في المعاء فتبادر إلى تناول المطعومات ويترك البدن بلا طعام. وإما لخلط حامض يكثر انصبابه إلى فم المعدة فيدغدغه ويفعل به كما يفعل مص العروق المتقاضية للغذاء. وذلك في وجهين أحدهما أنه بتقطعيه وتلطيفه تنحى الخلط اللزج عن فم المعدة المحوج إلى الدفع لا إلى الجذب. وثانيهما أنه الدم في مثل هذه يتكاثف ويصير كالخلاء الجاذب المصاص. وإما لسهر مفرط يحلل المواد ويجذب الرطوبات إلى خارج البدن. فهذه أسباب الشبع والجوع ولا شك أنها مضرة منافية للصحة.
البحث الرابع
في أنه لم قال: ليس بمحمود، ولم لا قال إن ذلك رديء. أقول: وإنما لم يجزم برداءته لأن الشبع المفرط قد لا يكون رديئا كالشبع الذي يكون في أوائل PageVW5P062B الحميات والجوع الذي يعرض للناقهين. فإن الأول سببه التفات الطبيعية إلى جانب المادة وإنضاجها إياها . والثاني لعوز المادة واشتياق الطبيعة إلى أن تخلف عوض المتحلل.
5
[aphorism]
قال أبقراط: الإعياء الذي لا يعرف له سبب ينذر بمرض.
[commentary]
الشرح: هاهنا مباحث ثلالثة.
البحث الأول
في صلة هذا * الفصل (175) بما قبله * وهي (176) أنه لما بين في الفصل الذي * قبله (177) أن كل ما هو خارج عن الاعتدال فهو مناف للصحة ولا شك أن الإعياء من جملة ما هو خارج عن المجرى الطبيعي، فأوصل ذكره بما تقدمه وخصص الإعياء بالذكر دون الأشياء الخارجة عن المجرى الطبيعي. وذلك لأنه مناسب لما انتهى إليه في الفصل الماضي وهو الجوع المفرط. وذلك من وجهين أحدهما أن مراده بالجوع على ما عرفت الجوع الطبيعي والنفساني فيكون متضمنا لذكر ضرر القوة النفسانية. PageVW1P027A وثانيهما أن الجوع المفرط يترتب عليه ضعف القوة مطلقا المترتب عليه العجز عن الحركة. وستعرف أن الإعياء كلال يعرض للقوة المحركة عن تحريك * العضل (178) .
Shafi da ba'a sani ba