311

البحث الخامس:

قوله «ويلحق بأصحاب ذلك PageVW1P135B الموت» المفهوم من كلام الفاضل جالينوس أن الإشارة بذلك إلى أصحاب المضار الحادثة عن استعمال الحار المذكور غير أن لحوقه لبعضها أسرع كسيلان الدم والغشي وبعضها أبطأ كباقي المضار. وفهم ابن أبي صادق أن الإشارة بذلك إلى أصحاب الغشي فإنه قال في شرحه لهذا الفصل: ويلحق النزف إذا أفرط الغشي ثم الموت. وفهم علاء الدين ابن النفيس أن المراد من ذلك أمر آخر وهو أن معنى قوله «يلحق بأصحاب ذلك PageVW5P206B الموت» ليس المراد به أن أصحاب تأنيث * اللحم (266) وتفتيح العصب وغير ذلك يلحقهم الموت، فإن هذه أضعف من ذلك بل المراد بذلك أن أصحاب الغشي أي الذين يصيبهم الغشي كثيرا ما يلحقهم الموت إذا أكثروا من استعمال الحار المذكور. * ونلحق (267) نحن القول في * هذه (268) التأويلات فنقول: الحق في ذلك ما قاله جالينوس، وذلك من وجوه ثلاثة: أحدها أن المضار * المذكورة (269) إذا استمر حدوثها آل أمرها إلى الموت غير أنها مخلتفة في ذلك بمعنى أن مآل بعضها إلى ذلك أبطأ وبعضها أسرع. ولأجل هذا عبر بعبارة تعطي الغرض وهو قوله «يلحق بأصحاب ذلك الموت»، فإن اللحوق لفظ دال على التراخي والفتور. ولو كانت الإشارة إلى الغشي كما زعم ابن أبي صادق لكان قال: ثم الموت، أو قال: ويتبعه الموت، أو: يحدث بعده الموت. والذي أوجب لابن أبي صادق ذلك ظنه أن الإشارة بذلك إلى أقرب مذكور كالضمير وهو فهم رديء بعيد عما قاله أبقراط، فإنه لا يطابق قوله في اللفظ ولا في المعنى على ما سنبينه. وأيضا فإن الفاضل جالينوس أخبر منه بما مراده بقوله هذا في اللغة اليونانية التي كان كلام أبراط أولا فيها. وأما بيان تادية * هذا (270) إلى الموت فهو على ما أقوله. * أما (271) تأنيث اللحم فإنه يترتب عليه ترهل الأعضاء المترتب عليه كثرة الرطوبات المترتب عليها ضعف الهضم * المترتب (272) عليه قلة الدم الصالح للتغذية والتوليد * للأرواح (273) التي هي مطية القوى المترتب عليه ضعف القوى ثم سقوطها ثم الموت. وأما تفتيح العصب فإنه يترتب عليه تأدي الدماغ لأنه منبتها ثم * يضرر (274) التنفس لأن المحرك له قوة إرادية وطبيعية على المذهب الحق. وقد عرفته المترتب عليه تعذر دخول الهواء البارد المصلح لمزاج القلب وتعذر خروج البخار الدخاني عنه المفسد لمزاجه. ولا شك أنه يترتب على ذلك ضعف القوى الحيوانية ثم سقوطها ثم الموت. وأما تخدير الذهن فإنه تؤدي إلى الموت على ما ذكرناه في * تفتيح (275) العصب. وأما سيلان الدم فبواسطة ضعف القوى ثم سقوطها ثم الموت. وأما PageVW5P207A الغشي * فلحوق (276) الموت به ظاهر إذا تكرر حدوثه. فظهر مما ذكرنا لحوق الموت بالمضار المذكورة. وإذا صح هذا فالإشارة بذلك إلى المضار جميعها لا إلى بعضها دون بعض. وثانيها أنه لو كانت الإشارة بذلك إلى الغشي لقال: ويلحق بصاحب الموت. وثالثها أنه لو كانت على ما شرحه * جالينوس (277) أنه رأى هذا الفصل على خمس نسخ: إحداها على هذا المثال «ويلحق هذه الأشياء الموت»، وثانيتها «وهذه الأشياء تحدث ثم يلحقها الموت»، وثالثتها «وهذه الأشياء يلحقها الموت»، ورابعتها «وهذه الأشياء تؤول إلى الموت»، والنسخة الخامسة هي المشروحة وهي التي شرحها جالينوس * والمشهورة (278) الآن. فهذه النسخ الخمس * الآن (279) ليس فيها ما يدل على أن الإشارة بذلك إلى أصحاب الغشي بل إلى المضار التي يحدثها الحار المذكور. وأما ما قاله علاء الدين ابن * النفيس (280) فغير مطابق لقول أبقراط ولا يصلح أن يكون شرحا له، فإن أبقراط قال «والحار يضر من أكثر استعماله هذه» وعدد المضار وهي تأنيث اللحم وتفتيح العصب وخدر الذهن وسيلان الدم والغشي فجعل الغشي من جملة المضار الحاصلة عن استعمال الحار المذكور لأنه كان حاصلا والمضرة المتوقعة من استعمال ذلك هي موته، وكيف يجوز أن يقال الموت مضرة وهو عدم والمضرة أمر وجودي؟ والله أعلم.

17

[aphorism]

قال أبقراط: وأما البارد فيحدث التشنج والتمدد والاسوداد والنافض الذي يكون * معه (281) حمى.

[commentary]

الشرح هاهنا بحثان.

البحث الأول

في الصلة: وهو أنه لما تكلم في مضار الاستكثار من الحار المذكور ذكر في هذا الفصل مضار الاستكثار من البارد وترك لفظة «أكثر» هاهنا لأنه استغنى بذكرها في الحار وقدم ذكر تأثير البارد لأنه أقوى الفاعلين.

البحث الثاني

Shafi da ba'a sani ba