236

قال الفاضل جالينوس: إذا قال أبقراط من اعترته حمى المراد به الحمى الشديدة. وأما إذا أراد مطلق فإنه يقول من كان به حمى أو ما يشبهه. وهذا الكلام حق فإن الاختناق المذكور في الفصل الأول والزوال المذكور في هذا الفصل لا يؤديان إلى الموت، إلا إذا كانت الحمى شديدة جدا لشدة الحاجة إلى اشتياق الهواء البارد وخروج البخار الدخاني. قال: وقوله في هذا الفصل «وليس في حلقه انتفاخ» يفهم منه أمران: أحدهما أن يكون ذلك عن اليبس كما ذكرنا؛ والثاني أن يكون عن ورم باطن لا يظهر للحس، والكل رديء. والله أعلم.

36

[aphorism]

قال أبقراط: العرق يحمد في المحموم إن ابتدأ في اليوم الثالث أو في اليوم الخامس أو في اليوم السابع PageVW5P039B أو في التاسع أو في (404) الحادي عشر أو في اليوم الرابع عشر أو في اليوم السابع عشر أو في العشرين أو في الرابع والعشرين أو في السابع والعشرين أو في الثلاثين (405) أو في الرابع والثلاثين أو في السابع والثلاثين فإن العرق الذي يكون في هذه الأيام يكون بحران الأمراض به، وأما العرق الذي (406) يكون في غير (407) هذه الأيام فهو يدل على آفة أو على طول من المرض. (403)

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث تسعة.

البحث الأول

في الصلة: وهو أنه لما تكلم في البحران الانتقالي الجيد والرديء احتاج أن يذكر الأيام التي يحصل فيها الحركات المحمودة، فإنه متى علمت هذه الأيام التي يحصل فيها الحركة المذمومة وذكر العرق على بسيل المثال، وإلا فجميع أنواع الاندفاعات متى حصلت في الأيام المذكورة كانت محمودة، ومتى حصلت في غيرها كانت مذمومة. قال جالينوس: ليس العرق وحده لكن اختلاف البطن والبول والبراز والخراجات التي تخرج عند الأذنين وعند سائر المفاصل إنما تحمد إذا ظهرت في الأيام التي ذكرها. ولما كان غرضه ذكر العرق للمثالي، ذكر هذه الأيام، وإلا فبعيد هذه الأيام قلما يأتي البحران فيها بعرق.

البحث الثاني:

قال الفاضل جالينوس في شرح هذا الفصل: قد شهدت التجربة شهادة بينة على أنه كل عدد من أعداد الأيام يصلح للبحران، ولنبسط نحن القول في هذا الموضع فنقول: الأيام من حيث هي أيام طبيعية متشابهة فلم صار البحران يحدث في بعضها دون بعض؟، أجاب جالينوس في ثانية البحران وثالثته جوابا عن مثل هذا الاعتراض. وحاصله أنه مبني على قاعدتين: أحدهما مأخوذة من التجربة، والثاني PageVW5P040A من القياس. أما المأخوذة من التجربة (408) فهي أنها قد شهدت أن البحارين لا تكون في الأيام جميعها ومع كونها كذلك ليس كلها على السواء. فإن السابع قوي جدا في البحرانية وأقوى منه الرابع عشر وبين هذين أيام يكون فيها البحارين كالخامس والتاسع غير أنها لا تكون في قوة تلك وأن بحران الأمراض الحادة في الأفراد وبحران (409) الأمراض المزمنة في الأزواج. وأما المأخوذة من القياس فهي أنها قد شهدت أنها مبنية على اصلين: أحدهما مضطرب غير لازم لطريقة واحدة ونظام واحد وهو العنصر الذي فيه الكون وهو البدن، فإنه قابل للتحليل والتغير؛ والآخر لازم لطريقة واحدة ونظام واحد وترتيب واحد وهي الطبيعة الإلهية المدبرة للعالم، فإن أفعالها كلها جارية على نظام واحد وترتيب واحد. ومع هذا (410) فهي على أتم وجه وأكمله ويعرف هذا من منافع الأعضاء ونشوء الحيوانات وكمالها وتولدها، فإنه لكل واحد منها حد لا يتعداه في مقداره ونسبته. ومن جملة ذلك فعلها في البحارين ودفعها لمادة المرض فإنه لازم لطريقة واحدة وفي أيام مخصوصة وكل هذا تابع لجملة الأجرام السماوية التي هي لازمة لطريقة واحدة ونظام واحد، فإنه قد بان في غير هذا الفن أن قوتها فعالة فينا وفي رطوبات العالم غير أنها مختلفة في ذلك في القوة والضعف فأقواها في ذلك الشمس فإنها هي المميزة لفصول السنة بعضها عن بعض والمنضجة للثمار بدليل أن نضج ثمار البلاد الحارة يتقدم على نضج ثمار البلاد الباردة وهي المهيجة للحيوان على طلب السفاد ودونها في ذلك التأثير القمري (411) لأن نظام الأشهر منه وفعله في الحيوانات البحرية أظهر وفي المد والجزر وفي زيادة الرطوبات PageVW5P040B الأدمغة وإنضاج الثمار وإجرائه لدم الحيض وثورانه لنوائب الصرع، غير أن هذا PageVW1P108B جميعه منه مستفاد من نور الشمس بدليل أن فعله عند كونه بدرا في غاية القوة، وقد تقدم لنا كلام في هذا في المقالة الثانية في شرح قوله «الرابع منذر بالسابع».

Shafi da ba'a sani ba