Sharhin Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Nau'ikan
البحث العاشر
(62) في القدود يرى من الأطفال من يكون قده كبيرا ومنهم من يكون صغيرا: ولنبحث عن سبب هذا فنقول: أما الكبر فله ثلاثة أسباب: أحدها توفر المادة المنوية في الأصل، فإن هذه المادة متى كانت كذلك قبلت من القوة * المصورة (63) صورة عضو كبير؛ وثانيها كثرة ما يأتيه من الغذاء الممد * له (64) والزائد فيه؛ وثالثها سعة المحل، فإن المحل متى كان واسعا أعان في كبر الجنين لأنه يجد موضعا يتمدد فيه. وأما الصغر فلإضداد ذلك وهو قلة المادة المنوية وقلة ما يأتيه من الغذاء إما لقلة غذا الحبلى وإما لانسداد مجاري الغذاء إلى رحمها. وأما لضيق المكان فإنه متى كان ضيقا منع الجنين من النمو والتمدد ويكون حاله كحال الفواكه إذا خرجت في أوعية ضيقة وهي فجة فإنها يكمل نضجها وهي ضغيرة جدا بالنسبة إلى إدراكها وعند كونها خالية من * الأوالي (65) فهذا ما أردنا أن نذكره قبل الشروع في حل المتن.
البحث الحادي * عشر
(66) : قال * جالينوس (67) إن اتصال الجنين بالرحم في ابتداء * التكون (68) اتصال ضعيف كاتصال الثمرة بالنبات في ابتداء ظهورها، فكما أنها تسقط في هذا الوقت من أدنى محرك PageVW5P166A يحركها من ريح وغيره كذلك الجني في ابتداء تكونه إذا حصل له أدنى محرك حركة وقلقل علائق المشيمة بالرحم فإنها * تسقط (69) ولذلك صارت الحبلى إذا شمت رائحة طعام مشتهي ولم تأكل منه أسقطت جنينها، وذلك لميل القوة الشهوانية إلى ذلك وشدة طلبها له فتستعين بالطبيعة العامة في ذلك وتشتغل عن تدبير الجنين فتسقط، فإذا كان هذا القدر مع ضعفه يفعل هذا الفعل فما عسى أدوية غريبة يكون فيها قوة سمية؟ ولما كان حالها كذلك لم يأخر أبقراط باستعمالها عند حصولها * لأي (70) مرض كان للحبلى بل شرط ذلك بأمرين: أحدهما أن يكون المرض المحتاج لأجله إلى الاستفراغ مهياجا لأنه أشد الأمراض أذية للأعضاء واللقوة على ما عرفت فيما تقدم ثم لم يعبر عن استعمال الدواء في هذا المرض مع شدة خطره بلفظة الوجوب أي الذي لا بد منه بل بلفظة ينبغي الذي هو الأوفق والأوجد؛ ثانيهما أن يكون استعمال ذلك بعد الرابع وقبل السابع. أما الأول فلما عرفته، وأما الثاني فلما ستعرفه. وإنما قال هذا شفقة على الجنين وخوفا من موته.
البحث الثاني (71) عشر
في بيان كيفية إيجاب الدواء المسهل لذلك: أقول: قد عرفت أنواع المسهلات وأن المسهل الحقيقي ما كان فيه قوة سمية، ومراد أبقراط بالدواء على ما عرفت المسهل الحقيقي. فمثل * هذا (72) إذا استعمل أضر الجنين من ثلاثة * أوجه (73) : أحدها أنه بما فيه من القوة السمية تنكي الطبيعة العامة والخاصة بالرحم لقربه من محل الدواء المذكور، وقد علمت أن قوة الحبلى مشغولة بتدبير بدنين فتضعف عن ذلك، ومتى ضعفت اعتنت عند ذلك بتدبير الأهم وأهملت ما دونه، ولذلك صارت حركة التنفس تظهر في السكتة ظهورا بينا ولذلك لاعتناء الطبيعة العامة بتدبير القلب ودفع نكاية المؤذي عنه، ولا شك أن تدبير بدن الحبلى أهم عند الطبيعة من تدبير الجنين لأنها الأصل في وجوده والمدبرة له فعند ذلك تهتم بتدبير بدنها وتهمل تدبير الجنين فتسقط ويخرج؛ وثانيها أنه بإسهاله يخرج ما هو محتاج إليه في تغذية بدنه وتقوية قوته، وعند ذلك تضعف قوته عن تدبيره في مسكه * وغيره (74) ؛ وثالثها أن الرحم مجاور للمعاء والمواد الخارجة تمر بالمعاء فى خروجها فتلدعها وتنكيها فتتأدى هذه الأدوية إلى الرحم وهو في نفسه قوى الحس فيتشمر لدفع ذلك، وعند ذلك يتقلقل علائق المشيمة لا سيما وهي في أول الأمر ضعيفة جدا فتنفصل تلك العلائق ثم يخرج الجنين. والفصد وإن كان يسقط الجنين غير أنه إنما يفعل ذلك بوجه واحد وهو إخراج مادة * غذائية (75) فلذلك خصص فعل الدواء في ذلك بالذكر ومنه تفهم مضار الفصد هذا كيفية فعل الدواء المسهل في الأربعة أشهر الأول. وأما في الأشهر الأخيرة فإنه إنما يفعل ذلك بأمر واحد وهو استفراغ غذائية لأنه في هذا الوقت يكون قد كبر وعظمت أعضاؤه فاحتاج إلى غذاء متوفر، فإذا استعمل ما يخرج غذاؤه تحرك حركات مضطربة لطلبه لذلك فتتقلقل علائق المشيمة فيخرج ويسقط. وأيضا فإن قوته تضعف * بذلك (76) عن تدبير بدنه لا سيما وعلائق المشيمة في هذا الوقت ضعيفة بسبب ثقل الجنين له، فإذا نظرنا إلى حالة في الشهر الأوسط يكون حاله متوسطا بين ذلك فإنه لا يكون ضعيفا كحاله في أول أمره ولا يكون عظيما محتاجا إلى غذاء متوفر كحاله في الأشهر * الأخيرة (77) .
البحث الثالث (78) عشر:
الحبلى يجب أن تراعي في PageVW1P099A أمرها * وفي (79) تدبيرها أمور غير أن أبقراط إنما خصص الدواء بالذكر لأنه إذا كان ضروري الاستعمال عند الحاجة يجب أن يتوقى استعماله ولا يقدم عليه إلا بعد اعتبار الشرطين المذكورين فبالأولى أن يراعي PageVW5P166B غيره من باقي الأمور في حفظ صحتها وتدبير جنينها. وهذه الأمور قد حصرناها في عشرة: أحدها القفزة والوثبة والسقطة القوية خوفا من تقلقل علائق المشيمة، ولا شك أن ذلك مما يهيئ الجنين للخروج؛ وثانيها الأمور النفسانية ما خلا الفرح، فإن ذلك يشغل الطبيعة العامة عن تدبير الجنين؛ وثالثها أن تمنع من المجامعة، فإن ذلك يفتح فم الرحم ويفسد غذاء الجنين ويحرك الرحم حركة مضطربة لطلب المني، فإنه حيوان مشتاق بالطبع إليه؛ ورابعها أن تمنع من استعمال المدرات فإنها تجذب المواد إلى جهة الرحم، ولذلك مما يؤذي الجنين والقوة الخاصة بالرحم وربما أخرجت مادة غذائية بالإدرار؛ وخامسها أن تمنع من طول المكث في الحمام لا سيما الحار المكرب فإنه مما يحوج الجنين أن يتحرك حركات مضطربة طلبا للاستنشاق الهواء البارد، وذلك مما يوهن علائق المشيمة ثم بدن الحبلى لا يخلو إما أن يكون ممتلئا أو غير ممتلئ، فإن كان الأول سيل الحمام تلك الرطوبات، وذلك مما يهيئ الجنين للخروج بالأزلاق، وإذا كان الثاني استفرغ غذاء الجنين بالتعريق وفرط التحليل، ولا شك أن ذلك مما يهيئ الجنين * للخروج (80) ؛ وسادسها أن تمنع من القيء خوفا من ذغذغة الأحشاء بحركة؛ وسابعها أن تعطى مما تشتهيه ولو القليل منه لما ذكرنا؛ وثامنها أن تمنع من الصوم وتلطيف * التدبير (81) ، وذلك خوفا من تقليل غذاء الجنين وإضعاف قوته؛ وتاسعها أن تمنع من النوم على غير وطاء خوفا من تأذي الجنين من ملاقاة الأشياء الصلبة؛ وعاشرها أن تمنع من الفصد خوفا مما ذكرنا.
البحث الرابع (82) عشر:
هذا القدر الذي حكم به أبقراط إنما هو بالنظر إلى الجنين شفقة عليه على ما عرفت، وإلا * فمتى (83) رأينا الأمر صعبا وخفنا هلاك الحبلى بادرنا إلى استعمال ذلك، فإن في هلاك الحامل هلاك المحمول من غير عكس، ولا شك أن هلاك نفسين أخطر وأكثر إثم من هلاك نفس واحدة، فلذلك متى * خففنا (84) هذا القدر فعلنا في علاج الحبلى ما يجب أن نفعله من تخفيف المواد بالمسهل والفصد. والله أعلم.
Shafi da ba'a sani ba