Sharhin Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Nau'ikan
[aphorism]
قال أبقراط: أصعب ما يكون احتمال الغذاء على الأبدان في الصيف والخريف. وأسهل ما يكون احتماله عليها (562) في الشتاء، ثم من بعده في الربيع.
[commentary]
قال عبد اللطيف: هذا الفصل لاحق بالفصل (563) السابق الذي ابتدأه بقوله (564): "الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون بالطبع" وتتمة له؛ لأنه عرف فيه الأوقات التي يحتاج فيها إلى تكثير الغذاء ويحتمل بسهولة ويجود (565) استمراؤه، وهو زمانان: الشتاء، والربيع. أما الشتاء فلتوفر الحار الغريزي في الباطن. وأما الربيع فلهذا ولملاءمته الكون بالطبع. ثم عرف في هذا الفصل الأوقات PageVW2P020B التي يحتاج فيها إلى تقليل الغذاء، ولا يحتمل بسهولة ولا يجود استمراؤه، وهي زمانان (566): الصيف، والخريف. أما الصيف فينقص فيه PageVW1P018B الحار الغريزي لكثرة التحلل، وأما الخريف فلهذا ولمضادته (567) الكون بطبعه. ثم قال: "وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء، ثم من بعده في الربيع" على جهة التنبيه والتذكير والتأكيد، وأشعر بقوله: "ثم من بعده في الربيع (568)" على أن احتمال الطعام في الشتاء أكثر منه في الربيع، لأن تكون (569) الحار الغريزي في الشتاء أكثر وفعله في الباطن أقوى منه في الربيع، وكما أن الربيع يتلو الشتاء في هذا المعنى، كذلك PageVW0P021A الخريف يتلو الصيف. ولما فرق بين هذين الفصلين بفصلين آخرين ذكر في الثاني بالأول لما طال الكلام، وإنما فرق بينهما بذينك الفصلين لأن فيهما توصية وتعريفا بكيفية الغذاء في نفسه وكيفية تناوله، هل في مرة؟ أو في مرتين؟ أو قليلا قليلا؟ وكان هذا الترتيب صوابا ومناسبا، لأنه لما ذكر الوقت الذي يحتمل فيه كثرة الغذاء تلاه بذكر كيفيته وجهة تناوله، ثم ذكر بعد ذلك في هذا الفصل الوقت الذي لا يحتمل فيه كثرة الغذاء، ويفتقر (570) إلى تقليله فيه. وذكر الكيفية والترتيب أشد مناسبة لاحتمال الكثير منها لتقليله وعسر احتماله. وجالينوس يرى أن هذا الفصل اختصه بتدبير المرضى، والفصل الذي أوله: "الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون PageVW3P025A بالطبع"، اختصه بتدبير الأصحاء. وأنا أرى أن كليهما صالح لتدبير الأصحاء والمرضى، وأنه ليس فيهما تكرير كما زعم قوم. وأيضا فإنه عرف في هذا الفصل صعوبة احتمال كثرة الطعام في الصيف والخريف، وسهولة احتماله في الشتاء والربيع، وذكر في الفصل السابق أن الأجواف في الشتاء والربيع أسخن، والنوم أطول، والحار الغريزي أوفر، والحاجة إلى الغذاء أكثر. وذكر في PageVW2P021A هذا الفصل أن احتماله في الشتاء أسهل، وسهولة احتمال (571) الغذاء غير شدة الحاجة (572) فهذان معنيان متباينان، لكن ربما (573) لزم أحدهما عن صاحبه وذكر اللازم ليس بتكرير (574) مع أن الأول علة للثاني (575)، وذكر المعلول مع العلة ليس بتكرير؛ فإن (576) سخونة الجوف وطول النوم وتوفر الحار الغريزي (577) سبب لسهولة احتمال الغذاء وعلة له لأنه (578) لا يقوى معه الهضم ويجود الاستمراء.
[فصل رقم 19]
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت (579) نوائب الحمى لازمة لأدوار، فلا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا، أو نضطره (580) إلى شيء، لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال.
[commentary]
قال عبد اللطيف: لما ذكر في الفصل الذي أوله "الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون بالطبع"، وهو فصل يعرف فيه (581) الوقت الذي ينبغي أن يكثر فيه الغذاء تلاه بفصلين في كيفيته وكيفية استعماله وترتيبه ثم ذكر الفصل الذي أوله: "أضعف ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف" وهو فصل يعرف فيه الوقت الذي ينبغي أن يقلل فيه الغذاء PageVW1P019A تلاه بهذا الفصل في منع الغذاء عند النوائب. وتدبير الغذاء يفتقر إلى النظر في الكم، والكيف، وجهة الاستعمال. فأما الكم PageVW0P021B والكيف فنعلمه (582) من طبيعة المرض والمريض، من غير حاجة إلى النظر في النوائب. وأما وقت تناول الغذاء فيستدل (583) عليه من نوائب الحمى، فإنها (584) أكبر دليل على أوقات الغذاء الجزئية، هذا إذا كانت نوائب الحمى لازمة لطريق واحدة ونظام متسق. ومعنى لزوم النوائب لدور أن تعلم وقت مجيء النوبة قبل كونها، بحيث يكون إذا رأينا النوبة الأولى علمنا PageVW3P025B متى تكون الثانية ومتى تكون الراحة، فنتوخى بالغذاء وقت الراحة، ونتوقاه (585) وقت النوبة وقبلها بقليل؛ وأما الأمراض التي نوائبها لا تلزم أدوارها فلا يمكن ذلك فيها، وأردأ (586) ما كان الغذاء في وقت ابتداء النوبة PageVW2P021B وقبلها (587). وقوله: "أو نضطره إلى شيء" وصية عامة وتنبيه على العلة. فكونها عامة من جهة أنه يندرج تحتها النهي عن الغذاء وعن الدواء وعن الاستفراغ والحركة والرياضة وغير ذلك من الأشياء التي تفتقر إلى حركة الطبيعة وإتعابها. وكونها تنبيها على (588) العلة فمن (589) جهة أنه سماه اضطرارا، والاضطرار عنف على الطبيعة وتكليف لها، ولا يجوز ذلك إلا عند فراغها وخلوها عن مقاومة المرض، فأما وقت النوبة فالطبيعة مشغولة بمقاومة المرض عن تدبير الغذاء وتصريف الدواء واحتمال الحركة. وقوله: "لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات". يعني ينقص من الكيموسات إن كانت هائجة، أو ينقص من الأغذية قبل أوقات النوائب. وقوله: "من قبل أوقات الانفصال". فإن الانفصال يراد به انفصال المرض وذلك عند المنتهى، والمنتهى إنما يكون بالبحران، وكل نوبة فهي منتهى ما جزئي، وفيه بحران ما جزئي ؛ فيقال له انفصال، لكن الانفصال الحقيقي أو الكلي هو الذي يكون عند المنتهى لجملة المرض بالكلية وعند البحران الكلي الحقيقي. والأولى أن يحمل الانفصال هنا على المنتهيات (590) الجزئية يعني النوائب، فكأنه (591) يقول: لكن ينبغي أن ينقص من زيادة الأغذية قبل أوقات النوائب، يعني لا يكفي أن يمنع من الغذاء في أوقات النوائب، بل وأن ينقص منه قبل أوقات النوائب.
[فصل رقم 20]
Shafi da ba'a sani ba