Sharh Fath al-Majid by al-Ghunayman
شرح فتح المجيد للغنيمان
Nau'ikan
التوحيد وأقسامه
قال المصنف ﵀: [كتاب التوحيد.
كتاب: مصدر: (كتب يكتب كتابًا وكتابة وكتْبًا)، ومدار المادة على الجمع، ومنه: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، والكتيبة لجماعة الخيل، والكتابة بالقلم لاجتماع الكلمات والحروف، وسمي الكتاب كتابًا لجمعه ما وضع له.
والتوحيد نوعان: توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وتوحيد في الطلب والقصد، وهو توحيد الإلهية والعبادة].
ذكر المصادر التي أخذ منها الكتاب، وهذا من باب اللغة، والأصل هو أصل الكلمات، وأخذها أمر معلوم، قال: (كتاب التوحيد) والتوحيد معناه: أن يوحد الله جل وعلا، فيعتقد وحدانيته في كل ما يلزم له، وسمي دين الإسلام توحيدًا لأن مبناه على هذا، والتوحيد أقسام ثلاثة، وإن شئت قلت: قسمان: توحيد في العلم والمعرفة، وتوحيد في القصد والإرادة فمعنى التوحيد في العلم والمعرفة: أن توحد الله جل وعلا في إثبات ما له من الصفات وأن توحده في ربوبيته، فهذا كله يدخل في المعرفة والعلم.
والقسم الثاني: توحيد القصد والنية والإرادة فهو الذي يصدر من الإنسان، وهو المطلوب الذي طلبه الله جل وعلا منه، ولهذا سمي توحيد العبادة، وسمي توحيد الإلهية، وسمي توحيد النية والقصد والإرادة؛ لأنه مبني على كون هذه الأمور خالصة لله جل وعلا.
القسم الأول قسم إلى قسمين: توحيد في الربوبية، وتوحيد في الأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية فمعناه: أن يعتقد الإنسان جازمًا بأن الله واحد في ملكه، وواحد في تدبيره، لا شريك له في ذلك، وواحد في كونه يختص بالإحياء والإماتة، وكونه يملك كل شيء، وبيده كل شيء، وكونه الرازق لكل أحد، وكونه الذي يدبر أمر الكون كله، وكونه جل وعلا على كل شيء قدير.
وأما توحيد الأسماء والصفات فأن يعتقد جازمًا بأن ما سمى الله جل وعلا به نفسه أو سماه به رسوله ﷺ يختص به، لا يشاركه فيه أحد من خلقه، فهو بكل شيء عليم، وعلمه أزلي لم يستحدث ولا يستجد، ولم يكن له مبدأ، وهو كذلك سميع بصير: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ﴾ [الحشر:٢٣]، ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [الحشر:٢٢]، الرءوف الرحيم، وكل ما سمى به نفسه يجب أن نعتقد تفرده به بالمعنى الذي يختص به جل وعلا، ونوحده في ذلك، فيكون واحدًا في هذا.
2 / 2