Sharh Fath al-Majid by al-Ghunayman
شرح فتح المجيد للغنيمان
Nau'ikan
عرض الأمم على النبي ﷺ ومتى كان
قال الشارح رحمه الله تعالى: [وقوله: (عرضت علي الأمم)، وفي الترمذي والنسائي من رواية عبثر بن القاسم عن حصين بن عبد الرحمن أن ذلك كان ليلة الإسراء.
قال الحافظ ﵀: فإن كان ذلك محفوظًا كان فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء وأنه وقع بالمدينة أيضًا.
قلت وفي هذا نظر].
نعم هذا فيه نظر، بل هذا غير صحيح، فالإسراء لم يقع إلا في مكة فقط، وبعضهم قال: إنه وقع ثلاث مرات.
والاختلاف فيه بين علماء في أمور: الأمر الأول: التعدد، فاختلفوا في تعدده، والصواب أنه لم يتعدد، وإنما وقع مرة واحدة في مكة، وفرضت فيه الصلاة مرة واحدة ولم تفرض مرتين ولا ثلاثًا.
الأمر الثاني: من حيث ما حصل للنبي ﷺ، فهل كان بروحه وجسده معًاَ، أو كان بروحه دون جسده؟ والصواب أنه بروحه وجسده يقظة غير منام، فأسري به يقظًا غير نائم، وفرض عليه ما فرض، ولم يذكر من الفرائض التي فرضت عليه إلا الصلاة فقط، وفرضت عليه أول ما فرضت خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فلم يزل يطلب ربه جل وعلا التخفيف بمشورة موسى ﵇ إلى أن صارت خمسًا.
أما قوله الحافظ: (إذا ثبت هذا دل على تعدده وأنه وقع في المدينة) فليس كذلك، حتى لو ثبت ما يدل على ذلك، وهذا الذي وقع فيه النظر، أي أنه يجوز أن النبي ﷺ حدث عن ليلة الإسراء التي وقعت في مكة وفي المدينة، وما المانع من ذلك؟ وليس فيه -أيضًا- دلالة تدل على أن هذا وقع في المدينة، وهذا كما يقول ابن القيم ﵀: ضعاف النظر ضعاف الفقه والحديث إذا جاءت ألفاظ مختلفة لحديث لجأوا إلى التعدد، وهذا كثير جدًا، والواجب أن الإنسان يبحث عن الحق، وإذا تبين له علم أن بعض الألفاظ قد يتصرف فيها الرواة، وبعضها لا تخالف ما قاله سابقًا، وهذا منه، ولا يلزم أن يكون ذلك في الإسراء، وهذا الحديث الذي ذكره عن الترمذي أنه كان في ليلة الإسراء إذا ثبت فمعنى ذلك أنها عرضت عليه الأمم ليلة أسري به وهو في مكة، وحدث بهذا في المدينة، وكان كثيرًا ما يحدث بأنه رأى ليلة أسري به كذا وكذا، وكثيرًا ما جاءت الأحاديث عن ذلك، وبعضها في المدينة، ولو قلنا مثلما يقول الحافظ ﵀ لكثر التعدد، وهذا غير وارد.
17 / 15