قلبه كان خاضعا خاشعا منقبضا. فتجلى عليه ربه بصفة الجلال من العظمة والكبرياء والقهر والسلطنة. ولهذا خصت حكمته بالجلالية. وإما تجلى عليه ربه بالجمال كعيسى عليه السلام، ولهذا قال في جواب يحيى عليه السلام حين اعترض عليه معاتبا حين رآه يضحك فقال:"كأنك قد أمنت مكر الله وعذابه؟" بقوله عليه السلام:"كأنك قد آيست من فضل الله ورحمته"، فأوحي إليهما: "أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي"، فيحيى عليه السلام بمناسبة قلبه ونشأته تجلى عليه ربه بالقهر والسلطنة، فاعترض بما اعترض، وعيسى عليه السلام بمقتضى نشأته ومقامه تجلى عليه باللطف والرحمة، فأجاب بما أجاب، ووحيه تعالى بأن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي بمناسبة سبق الرحمة على الغضب وظهور المحبة الإلهية في مظاهر الجمال أولا كما ورد: يا من رحمته سبقت غضبه.
Shafi 63