((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) إطالة الغرة كيف تكون إطالة الغرة؟ نعم؟ إطالة التحجيل متصورة يعني يرفع، يغسل العضد مع الذراع، ويغسل الساق مع القدمين، يطيل التحجيل، لكن إطالة الغرة غير متصورة، ولذا قال بعضهم إن قوله: ((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)) مدرج من قول أبي هريرة، لم يثبت مرفوعا، لكنه في الصحيحين هكذا، والأصل إذا لم يقم دليل على الإدراج أنه مرفوع كأصله، ولو ساغ لنا أن نقول في أي جملة: هذه مدرجة من غير دليل يدل على الإدراج ما سلم لنا شيء، فالإدراج يحتاج إلى دليل.
((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) يعني هل معنى إطالة الغرة أن يتجاوز حدود الوجه؟ نعم؟ هو محتمل، لكنه على بعد يعني، على بعد أن يكون يطيل بقاء الماء في وجهه؛ لأنه سبب الغرة والتحجيل، أو يزيد في القدر المشروع غسله من الوجه، أو يسبغ ويكرر، على كل حال على الإنسان أن يفعل ما أمر به شرعا، ويقتفي أثر النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، ولا يزيد ولا يقول: هذا من باب الاحتياط؛ لأن بعض الناس يزيد في الكيفية وفي الكمية فيدخل في حيز الابتداع، وقد عرف عن بعض أهل العلم ابن دقيق العيد والحافظ العراقي وغيرهما الزيادة، سواء كان في العدد، أو في مقدار ما يغسل، وقالوا في ترجمة كل من الشيخين أن هذا يفعلانه من باب الاحتياط، وهو لا يدخل في الوسوسة المذمومة، نقول يا أخي: ما معنى هذا الاحتياط؟ الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور كما هنا، وزيادة على ما شرعه الله -جل وعلا- على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فالاحتياط كما قال شيخ الإسلام في ترك هذا الاحتياط، على الإنسان أن يقف مع الشرع، يدور مع الشرع.
وفي لفظ آخر: "رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين".
Shafi 18