281

Sharhin Akidar Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editsa

أحمد شاكر

Mai Buga Littafi

وزارة الشؤون الإسلامية

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٨ هـ

Inda aka buga

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَالْمُبَادَرَةُ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَسْجُودَ لَهُ أَفْضَلُ مِنَ السَّاجِدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَكْرِيمُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ. قَالُوا: وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ (١)، بَعْدَ طَرْدِهِ لِامْتِنَاعِهِ عَنِ السُّجُودِ لَهُ، لَا قَبْلَهُ، فَيَنْتَفِي الِاسْتِدْلَالُ بِهِ.
وَمِنْهُ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَهُمْ عُقُولٌ وَلَيْسَتْ لَهُمْ شَهَوَاتٌ، وَالْأَنْبِيَاءُ لَهُمْ عُقُولٌ وَشَهَوَاتٌ، فَلَمَّا نَهَوْا أَنْفُسَهُمْ عَنِ الْهَوَى، وَمَنَعُوهَا عَمَّا تَمِيلُ إِلَيْهِ الطِّبَاعُ، كَانُوا بِذَلِكَ أَفْضَلَ. وَقَالَ الْآخِرُونَ: يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ [مِنْ] مُدَاوَمَةِ الطَّاعَةِ وَتَحَمُّلِ الْعِبَادَةِ وَتَرْكِ الْوَنَى وَالْفُتُورِ فِيهَا - مَا يَفِي بِتَجَنُّبِ الْأَنْبِيَاءِ شَهَوَاتِهِمْ، مَعَ طُولِ مُدَّةِ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ.
وَمِنْهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ [الْمَلَائِكَةَ] رُسُلًا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَسُفَرَاءَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. وَهَذَا الْكَلَامُ قَدِ اعْتَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ، وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهِ أَقْوَى، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمُرْسَلِينَ، إِنْ ثَبَتَ تَفْضِيلُهُمْ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ بِالرِّسَالَةِ، ثَبَتَ تَفْضِيلُ الرُّسُلِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَيْهِمْ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الرَّسُولَ الْمَلَكِيَّ يَكُونُ رَسُولًا إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ.
وَمِنْهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (٢)، الآيات. قَالَ الْآخِرُونَ: وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْفَضْلِ لَا عَلَى التَّفْضِيلِ، وَآدَمُ وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ، وَلَيْسَ الْخَضِرُ أَفْضَلَ مِنْ مُوسَى، بِكَوْنِهِ عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ مُوسَى، وَقَدْ سَافَرَ مُوسَى وَفَتَاهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَى الْخَضِرِ، وَتَزَوَّدَ لِذَلِكَ، وَطَلَبَ مُوسَى مِنْهُ الْعِلْمَ صَرِيحًا، وَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ. وَلَا الْهُدْهُدُ أَفْضَلَ مِنْ سُلَيْمَانَ ﵇، بِكَوْنِهِ أَحَاطَ بِمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ سُلَيْمَانُ عِلْمًا.
وَمِنْهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ (٣). قال الآخرون:

(١) سورة الإسراء آية ٦٢.
(٢) سورة البقرة آية ٣١.
(٣) سورة ص آية ٧٥.

1 / 284