152

Sharhin Zurqani akan Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Editsa

طه عبد الرءوف سعد

Mai Buga Littafi

مكتبة الثقافة الدينية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1424 AH

Inda aka buga

القاهرة

لِلِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ شُذُوذٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَأُنْكِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقُولَا بِوُجُوبِهِ وَلَا يُعْرَفُ عَنْهُمَا، وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ لَا إِثْبَاتَ الْوُجُوبِ، أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ مُتَأَكَّدُ الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَابَلَهُ بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: هُوَ وَاجِبٌ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ ﷺ: " «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» " وَقَدَحَ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ وَاضِحٌ، ثُمَّ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوُضُوءَ هُنَا الشَّرْعِيُّ، وَحِكْمَتُهُ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ لَاسِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْرِيقِ الْغُسْلِ فَيَنْوِيهِ فَيَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ، وَقَدْ عَلَّلَهُ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ الصَّحَابِيُّ بِأَنَّهُ نِصْفُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَقِيلَ حِكْمَتُهُ أَنَّهُ يَنْشَطُ إِلَى الْعَوْدِ أَوْ إِلَى الْغُسْلِ إِذَا بَلَّ أَعْضَاءَهُ، وَقِيلَ لِيَبِيتَ عَلَى إِحْدَى طَهَارَتَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ يَمُوتَ فِي مَنَامِهِ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ «عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَأْكُلُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: " لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَرْقُدُ الْجُنُبُ؟ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرُهُ جِبْرِيلُ» " وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ وَاسْتِحْبَابُ التَّنْظِيفِ عِنْدَ النَّوْمِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَبْعُدُ عَنِ الْوَسَخِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهَةِ بِخِلَافِ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهَا تَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ
ــ
١١٠ - ١٠٨ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ) أَيْ جَامَعَهَا مِنْ أَصَابَ بُغْيَتَهُ نَالَهَا (ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ: " «أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» "، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَرْدَفَ مَالِكٌ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ هَذَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ لَيْسَ لِلصَّلَاةِ.
قُلْتُ: وَلِإِفَادَةِ أَنَّهُ مِثْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ غَسْلُ الْأَذَى وَغَسْلُ ذَكَرَهُ وَيَدَيْهِ وَهُوَ التَّنَظُّفُ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْوُضُوءُ بِبَوْلٍ وَلَا

1 / 202