[شرح ديكنقوز]
والرباعي المجرد أصلان فراعى مناسبة الأصالة بينهما فلم يفصل بينهما، والمصنف قدم منشعبة الثلاثي المجرد على الرباعي المجرد؛ رعاية لمناسبة الأصالة والفرعية بينهما فقال: "واثنا عشر لمنشبعة الثلاثي" أي المتفرعة عليه إما بزيادة حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف ولم يزد الزيادة على الثلاثة؛ لئلا يلزم زيادة الزائد على الأصل، ثم قدم ما زيد فيه حرف واحد على ما زيد فيه حرفان، وقدم ما زيد فيه حرفان على ما زيد فيه ثلاثة أحرف؛ رعاية للترتيب الطبيعي، فما زيد فيه حرف واحد فثلاثة أبواب وذلك "نحو أكرم" يكرم "إكراما" بزيادة الهمزة المفتوحة في أوله وإنما كسرت في المصدر فرقا بينه وبين الجمع على أفعال ولم يعكس لثقل الجمع وخفة الفتحة، وهذا باب الأفعال قدم؛ لأن الزيادة في الأول "و" نحو "قطع" تقطيعا بتضعيف العين قيل الزيادة هي الأولى؛ لأن الحكم بزيادة الساكن أولى وقيل الثانية؛ لأن الزيادة بالآخر أنسب، وسيبويه أجاز الوجهين لتعارض الدليلين وهذا باب التفعيل قدم؛ لأن الزيادة في الأصول "و" نحو "قاتل" مقاتلة بزيادة الألف بين الفاء والعين وهذا باب المفاعلة "و" ما زيد فيه حرفان فخمسة أبواب نحو "تفضل" تفضيلا بزيادة التاء في أوله وتضعيف العين، وهذا باب التفعل قدمه؛ لأن إحدى الزيادتين من جنس الأصول "وتضارب" تضاربا بزيادة التاء في أوله والألف بين الفاء والعين
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
دومت تدوم بكسر الواو في الأول وضمها في الثاني فأعل الأول بنقل حركة الواو إلى ما قبلها بعد سلب حركته ثم حذفها لالتقاء الساكنين والثاني بنقل حركة الواو إلى ما قبلها "واثنا عشر بابا" منها "لمنشعبة الثلاثي" أي لمزيد الثلاثي بالمجرد والمنشعبة الأبنية المتفرعة من أصل بزيادة حرف أو أكثر ليس من جنس الحروف الأصلية أو بتكرير حرف منهما أو بهن معا لقصد زيادة معنى من التعدية والتكثير وغيرهما، مثل: أخرج وفرح زيد في الأول همزة للتعدية وتكرر العين في الثاني للتكثير، وهو ثلاثة أقسام؛ الأول: ما يزاد فيه حرف واحد، وهو ثلاثة أبواب الأول باب الأفعال "نحو أكرم إكراما" الهمزة زائدة وكسرت في مصدره فرقا بينه وبين الجمع على أفعال نحو إعمال وأعمال، ولم ينعكس لثقل الجمع وبناؤه للتعدية غالبا نحو أجلسته وأكرمته، وللصيرورة نحو أجرب الرجل أي صار ذا جرب وللوجدان نحو أبخلته وأحمدته، أي وجدته بخيلا ومحمودا وللسلب والإزالة نحو أشكيته، أي أزلت عنه الشكاية وللتعريض نحو باع الجارية، أي عرضها للبيع وللحينونة نحو أحصد الزرع أي حان وقت حصادهن وقد يكون بمعنى فعل نحو أقلت البيع فعلته "و" الثاني باب التفعيل "نحو قطع تقطيعا" كررت العين الثاني وهو الزائد عند الجمهور والأول عند الخليل؛ لأن الساكن كالمعدوم فالتصرف فيه أولى وكلاهما شائع عند سيبويه وهذا البناء للتكثير غالبا، وهو إما في الفعل نحو جولت وطوفت وفي الفاعل نحو موت الإبل، وفي المفعول نحو غلقت الأبواب وقطعت الثوب فإن فقد ذلك لم يجز استعمال فلذلك كان موت الشاة لشاة واحدة خطأ؛ لأن هذا الفعل لا يستقيم تكثيره بالنسبة إلى الشاة؛ إذ لا يمكن تكثير الواحد، وليس ثمة مفعول ليكون التكثير له وعدم إمكان تكثير الفعل ظاهر كذا قيل، وللتعدية نحو فرحته، وللسلب نحو جلدت البعير، أي أزلت جلده "و" الثالث: باب المفاعلة نحو "قاتل مقاتلة" الألف زائدة، وهذا البناء للمشاركة بين أمرين في أصل الفعل الذي هو مصدر فعله الثلاثي كالقتل فينسب ذلك الفعل إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر صريحا ويجيء عكس ذلك ضمنا، وهو نسبته إلى الأمر الآخر متعلقا بالأول، مثلا إذا قلت: قاتل زيد عمرا فإنه يدل صريحا على نسبة القتل إلى زيد متعلق بعمرو، وضمنا على نسبته إلى عمرو متعلق بزيد، وقد يجيء للتكثير نحو ضاعفت بمعنى ضعفت وبمعنى فعل أي لنسبة الفعل إلى الفاعل لا غير كقولك سافرت بمعنى نسبة السفر إلى المسافر وعافاك الله بمعنى نسبة العفو إلى الله "و" القسم الثاني ما زيد فيه حرفان وهو خمسة أبواب الأول باب التفعل "نحو تفضل تفضلا" أصله فضل فزيدت التاء في أوله وكررت العين وبناؤه لمطاوعة فعل بالتشديد نحو كسرته فتكسر ولهذا يصير لازما لمطاوعة تقتضي اللزوم ومعنى كون الفعل مطاوعا كونه دالا على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد، كقولك باعدته فتباعد فقولك تباعد عبارة عن معنى حصل عن تعلق فعل متعدو وهو باعدته، أي هذا الذي قام به تباعد، وقد يتلفظ بالمطاوع وإن لم يكن معه مطاوع، كقولك: انكسر الإناء، وقد يجيء للتكلف ومعناه أن الفاعل تكلف ذلك الفعل ليحصل باستعماله كتشجع زيد؛ إذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل، وقد يجيء للعمل أي ليدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة نحو تجرع أي شرب جرعة بعد جرعة، وقد يجيء للطلب نحو تكبر أي طلب أن يكون كبيرا، وللاتخاذ أي يجعل الفعل المفعول أصل الفعل نحو توسدت التراب، أي اتخذته وسادة وللتجنب أي ليدل على أن الفعل جانب أصل الفعل نحو تأثم أي جانب الإثم "و" الثاني باب التفاعل "نحو تضارب تضاربا" أصله ضرب فزيد في أوله تاء وبين العين والفاء ألف وبناؤه لمشاركة أمرين أو أكثر والفرق بين فاعل وتفاعل من حيث اللفظ أن وضع فاعل لنسبة الفعل إلى الفاعل متعلقا بغيره، مع أن الغير مثل ذلك ووضع تفاعل نسبة الفعل إلى أمرين مشتركين في ذلك الفعل من غير قصد إلى تعلقه بغيره، ففي الأول يرفع بالفعل ما ينسب الفعل إليه صريحا وينصب المتعلق، وفي الثاني يرفعان معا بطريق العطف مثل قاتل زيد عمر أو تضارب زيد وعمرو، لهذا جاء الأول زائدا على الثاني بمفعول أبدا، ومن حيث المعنى أن بادئ الفعل في فاعل معلوم دون تفاعل ولذلك يقال
1 / 20