...................................................... مناقب أبي ذر كثيرة أسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، أمره أن يلحق بقومه فلما رأى حرصه على المقام معه بمكة وعلم أنه لا يقدر على ذلك قال له صلى الله عليه وسلم: " إتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها " وهذا موافق لقوله تعالى: (أن الحسنات يذهبن السيئات) وقوله: " وخالق الناس بخلق حسن " معناه عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به واعلم " أن أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا " وحسن الخلق من صفات النبيين والمرسلين وخيار المؤمنين لا يجزون بالسيئة، بل يعفون ويصفحون ويحسنون مع الإساءة إليهم.
احفظ الله يحفظك
19 - " عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي " احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك. وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا " " .
......................................................
مناقب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أكثر من أن تحصر وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " " ودعا له بأن يؤتى الحكمة مرتين " وثبت عنه: " أنه رأى جبريل مرتين " وهو بحر هذه الأمة وحبرها وقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلا للوصية مع صغره فقال له: " احفظ الله يحفظك " ومعناه كن مطيعا لربك، مؤتمرا بأوامره، منتهيا عن نواهيه.
وقوله: " احفظ الله تجده تجاهك " أي اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته فإنك تجده تجاهك في الشدائد كما جرى للثلاثة الذين أصابهم المطر فآووا إلى غار فانحدرت صخرة فانطبقت عليهم فقالوا انظروا ما عملتم من الأعمال الصالحة فاسألوا الله تعالى بها فإنه ينجيكم، فذكر كل واحد منهم سابقة له مع ربه، فانحدرت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون وقصتهم مشهورة في الصحيح.
وقوله: " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله " أرشده إلى التوكل على مولاه وأن لا يتخذ إلها سواه ولا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قل منها وما كثر. وقال الله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى بطلبه أو بقلبه أو بأمله فقد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه وكذلك الخوف من غير الله وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك " وكذلك في الضر وهذا هو الإيمان بالقدر والإيمان به واجب خيره وشره وإذا تيقن المؤمن هذا فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به وكذلك إجابة الخليل عليه الصلاة والسلام جبريل عليه السلام حين سأله وهو في الهواء " ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا " .
وقوله: " رفعت الأقلام وجفت الصحف " هذا تأكيد أيضا لما تقدم أي لا يكون خلاف لما ذكرت لك بنسخ ولا تبديل.
قال: " واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " فنبهه على أن الإنسان في الدنيا ولا سيما الصالحون معرضون للمصائب لقوله عز وجل " (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) .
الحياء من الإيمان
20 - " عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري " .
Shafi 19