============================================================
شرح الأنفاس الروحانية قال أبو علي الروذباري: "إن الله تعالى أحب اللهمة فلذلك أحبهم" يعني أن الله تعالى أحب الهمة العالية، فلذلك أحبهم يعني أحب الأنبياء، والأولياء الكبار؛ لأنه تعالى أحب الهمة التي لهم.
وقال أيضا: "الهمة شيء يغلى في القلب بين المعرفة كفلي القدر في النار" فعند ذلك يسمى وجذا، وهذا كالشوق محبة غالبة، والمحبة إرادة غالبة، كذلك الوجد همة غالبة غالية مرتفعة على قوله.
قال الجنيد: "الهمة لسان السر، ومن له نطق السر يعجز عن الظاهر، لأنه يكلم مع الرب من الربوبية، فكيف يدخل فيه التحريك؟! والتحريك منه الكفر"، قوله: "الهمة لسان السر" صحيح"، وهو الذي قلنا أنه قلب السر، ولسان السر، وذلك هو الحق عندي.
قوله: لاومن تطق له السر يعجز عن الظاهر" يعني يعجز عن التكلم بلسانه الظاهر، لأنه الآن تكلم مع الرب تعالى فكيف يتكلم مع غيره؟ وهو الآن مستغرق فيما هو فيه.
قوله: لفكيف يدخل قيه التحريك، والتحريك منه كفر" يعني تحريك لسانه الظاهر، وسائر جوارحه البدن، وذاك كفر منه في الطريقة لأنه يعرض عن مناجاة الحق تعالى إلى غيره مع آنه يناجيه.
وقال الشبلي: "الهمة تعليم الله تعالى في الباطن كالوحي تعليم الله تعالى في الظاهر لأنبيائه" يعني بالتعليم المكالمة بالأوامر، والنواهي، والمناجاة بذلك فيكون هذا القول منه على وفق قول الجنيد حيث قال: "اهمة لسان السر" وحيث قال: "الهمة بشرى لأوليائه كالوحي بشرى لأنبيائه"، وقال أيضا: "الهمة كلام السر مع الله"، والأصح أن يقال في معنى ذلك أنه: بالهمة يكالم السر مع الله تعالى لأن الهمة لسان السر، وقلبه على ما سبق ذكره، وقال: "اهمة معاملة العبد مع الله تعالى" ي بالعبد هنا: النف، والقلب، والسر جميعا، فكان معناه بالهمة معاملة العبد مع الله تعالى، كما قلنا: الهمة يكالم السر مع الله تعالى، ويعنى بالمعاملة معاملة الباطن، ومعاملة السرو الخفى وقال: "الهمة ترك منازعة العبد مع ربه" يعني بترك المنازعة الاعراض عن كل شيء إلى الله تعالى ذاته والإقبال إليه تعالى بالهمة العالية.
Shafi 286