============================================================
شرح الأنفاس الروحانية شهوة بالسلوك ولا جوع، ولا عطش بها، ولا لذقه ولا سرور بها فتغير المعنى الذي نسميه إرادة، وعلى هذا القياس بناء الدار واتخاذ السيف وشراء الداية وأمثاها، حيث يدعوك داع من باطنك إلى طلبها ويحمل على تحصيلها مع إنك لا تشتهيها ولا تعلم أن لك فيها مصلحة ولا يغلب على ظنك آنها مصلحة ولا تلتذ بها فذلك الداعى الحاصل هو الذي نسميه إرادة تفهم إن شاء الله وحده.
وتعلم أن كل داع من هذا الجنس يسمى إرادة.
وقال المتكلمون في تفسير الإرادة: هى المعنى الذي إذا وجد في الإنسان وكان المراد من فعله يحمله على أن يفعل ذلك الفعل على وجه دون وجه يريدون بقوهم: لاعلى وجه دون وجه" أن يحمله على آن يعمل على قدر ما أراده لا أصغر، ولا اكبر، ولا أقل، ولا أكثر، وعلى شكل ما أراده، لا على شكل آخر، وفي وقت ما أراده دون أوقات أخرى، وهذا أيضا صحيح ولكننا أردنا أن نذكر شرح الارادة أبين، وأفضل من ذلك فالحاصل أنك عرفت الآن حقيقة الشيء الذي يسمى إرادة بالوجدان من النفس وعرفته مميزا من سائر ما يزاحه في الوجود مشابهة بما ذكرنا من التفضيل فافهم. إذا عرفت جنس الارادة سهل عليك معرفة أنواعها كنحو الحب، والعشق، والشوق، وتحو القصد والنية، والعزم وما أشبه ذلك فإنها أنواع من جنس الإرادة وغرضنا الآن معرفة المحبة على اصطلاح الصوفية فنقول: المريدون على درجات: منهم من يريد الحق تعالى، أو يريد الشيخ مثلا إرادة ضعيفة يحمله على طلبه، ولكن لما في طلبه من المشقة تمتنع من طلبه وعموم المسلمين مشتركون في ذلك لأنهم يريدون الحق تعالى بايمانهم واسلامهم لكن يمنعهم من طلبه وطلب الوصول إليه ما في طلبه من المشقة وليس لهم الحب للحق تعالى وإنما لهم إرادة ضعيفة، وهذا أخص الله تعالى المحيين منهم، فقال
Shafi 255