56

شرح المواقف

شرح المواقف

Nau'ikan

============================================================

الموقف الأول - المقصد الثالث: فائدته يتعرض له، وإن اعتقد فيه فائدة غير ما هي فائدته أمكنه الشروع فيه إلا أنه لا يترتب عليه ما اعتقده، بل ما هو فائدته، وربما لم تكن موافقة لغرضه فيعد سعيه في تحصيله قدحي العطشان وطريقي الهارب، كما ذهب إليه الأشاعرة أمر خفي حتى قال بعض الأذكياء: لا يسلم وجود مثل هذه الصفة لاستلزامه المحال: قوله: (وربما لم تكن موافقة لغرضه) إنما قال: ربما لأن فائدة العلم إن كانت مباينة لما اعتقده لم تكن مطابقة لغرضه أصلا وإن كانت أعم فربما تتحقق في ضمن الأخص الذي اعتقده، وإن كانت اخض عصل له بعض ما اعتقده وعلى التقديرين تكون موافقة لغرضه، فافهم فإنه قد زل فيه أقدام العبت في العرف يطلق على الفعل الذي يقصد به فائدة غير معتد بها، وهو الذي يحترز عنه العقلاء ولا شك في كونه متصورا بل واتعا.

قوله: (وإن اعتقد فيه فاتدة إلخ) قيل: ما يقصد فيه فائدة ما غير معينة خارج عن القمين، ويحمل ترتب الفائدة المطلوبة، فلا يكون عبثا مع أنه لم يتصور الفائدة المعينة فالأولى أن يقال: فيه مضاف محذوف تقديره دفعا لاحتمال العبث، ودفع احتمال الفساد أمر مطلوب عند العقلاء، وقد يجاب آنه داخل في القسم الأول إذ المراد من قوله إن لم يعتقد فيه فائدة أصلا أن لا يعتقد فائدة معينة، وذا إما بأن لا يعتقد فائدة أصلا، أو يعتقد فائدة ما غير معينة، وعلى كلا التقديرين لا يتصور الشروع، وما وقع في الكتب من أن الموقوف عليه للشروع هو التصور بوجه ما، والتصديق بفائدة ما ليس المراد منه التصديق بفائدة غير معينة بل فائدة مخصوصة، والتعميم بالنظر إلى فائدته في الواقع على أن القول باحتمال ترتب الفائدة المطلوبة في هذه الصورة ليس له كثير معنى كما لا يخفى: قوله: (وربما لم تكن موافقة لغرضه) إن قلت: المفروض أن الشارع في العلم تصور فائدة غير ما هي فائدته في الواقع، ولا شك أن المترتب فائدته الواقعة فعدم موافقتها لغرضه كلي، فلا معنى لرب المفيدة للتقليل او التكثير قلت: أما اولا فقد تستعار رب للتحقيق كما ذكره ابن الحاجب في قوله تعالى: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين [الحجر: 2] وأما ثانيا فالمراد بالموافقة الملاعمة لا المطابقة، وحيتعذ جاز أن يكون للفائدة المترتبة ملاعمة للفائدة التي اعتقدها الطالب بأن يكون لها نوع تعلق بها، وتوقف عليها وأما ثالثا فالضمير في عليه من قوله إلا انه لا يترتب عليه راجع إلى الاعتقاد لا إلى العلم المشروع فيه، والمعنى إلا آنه لا يترتب على اعتقاد نفع في شيء ما يقصد بل يترتب ما هو فائدة ذلك الشيء في الواقع فقد تكون موافقة للفرض إذا كان المعتقد فائدته الواقعة، وقد لا تكون إذا لم تكن كذلك، وبالجملة قوله: ربما لم تكن إلخ حكم كلي ليس مقصورا على المفروض نعم يعلم حال المفروض منه، وقد يقال ليس المراد من الغرض في قوله، وربما لم تكن مواققة لغرضه الغرض من الفعل الذي اعتقد فيه فائدة غير ما هو فائدته في الواقع حشى يتوجه ما ذكر بل المراد غرض الفاعل في الجملة فإنه يجوز أن

Shafi 56