============================================================
المرصد الخامس - المقصد الرابع: كيفية إفادة النظر الصحيح للعلم فيكون عاديا. (الثاني مذهب المعتزلة أنه) أي حصول العلم بعد النظر (بالتوليد) وذلك أنهم لما أثبتوا لبعض الحوادث مؤثرا غير الله تعالى قالوا: الفعل الصادر عنه إما بالمباشرة وإما بالتوليد (ومعنى التوليد عندهم كما سيأتي أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر كحركة اليد والمفتاح) فإن حركة اليد أوجبت لفاعلها حركة المفتاح، فكلتاهما صادرتان عنه، الأولى بالمباشرة والثانية بالتوليد (والنظر فعل للعبد واقع بمباشرته) أي بلا توسط فعل آخر منه (يتولد منه فعل آخر هو العلم) بالمنظور فيه وطريق الرد على المعتزلة، ما سياتي في إبطال قاعدة التوليد (واعلم أن تذكر النظر لا يولد العلم عندهم، فقاس الأصحاب ابتداء النظر بالتذكر إلزاما لهم) حيث قالوا: النظر المعاد لا يولد العلم اتفاقا، فوجب أن يكون النظر المبتدأ كذلك. (إذ لا فرق بينهما فيما يعود إلى استلزام العلم) بالمنظور فيه (وأجابوا) اي المعتزلة (بأنا إنما قلنا: بعدم توليد التذكر لعلة فارقة) لا توجد في ابتداء النظر (هي عدم مقدورية التذكر) فإنه يقع بطريق الضرورة بلا اختيار منا، فيكون من أفعاله تعالى فلو كان مولدا للعلم بالمنظور فيه لكان ذلك العلم أيضا من أفعاله تعالى، ويلزم من هذا ارتفاع التكليف بالمعارف النظرية، الصور، ودونه خرط القتاد فلا يلزم تحقق الأكثرية، ولذا اكتفى في شرح التجريد الجديد على الدوام، وتجويز كونه اكثريا لا ينافي الكلية التي ادعيناها وهي أن كل نظر صحيح مادة وصورة لا يعقيه ضد العلم يفيد العلم بالسنظور فيه، لأن المراد يفيد العلم دائما أو اكثريا، والمحمول المقيد بالترديد المذ كور ثابت لكل نظر صحيح فتدبر فإنه قد زل فيه الأقدام.
قوله: (أن يوجب فعل إلخ) المراد بالفعل في الموضعين الأثر لا التاثير بدليل تمثيلهم للتوليد بحركة اليد وحركة المفتاح، فلا يرد أن العلم ليس بفعل وكذا النظر ببعض التفسيرات.
قوله: (لفاعله) متعلق بيوجب واحترز به عن المطاوع نحو كسرته فانكسر فإن فيه إيجاب فعل فعلا آخر لكن ليس ذلك لفاعله.
قوله: (النظر المعاد إلخ) المطابق لما سبق النظر المتذكر إلا آنه اورد لفظ المعاد ترويجا للقياس بأنه هو النظر المبتدا لا فرق بينهما إلا باعتبار الوقوع في الوقت الأول والثاني، ومن المعلوم أن الوقت لا دخل له فيكونان متساويين في عدم التوليد.
قوله: (إذ لا فرق إلخ) لأن ما يعود إليه الاستلزام الصحة من حيث المادة والصورة، وهي قوله: (ارتفاع التكليف بالمعارف النظرية) أي المعارف التي حصلت بالنظر يسقط قوله: (فعل لفاعله فعلا آخر) أراد بالفعل الأثر الحاصل من القادر اعم من أن يكون بواسطة اولا بها لا نفس التاثير، فلا يرد ان العلم ليس من مقولة الفعل وكذا الحركة: كوله: (فقال الأصحاب إلخ) اعترض عليه بأن هذا لا يفيد اليقين لكونه عائدا إلى القياس الشرعي وسيشير إليه الشارح.
Shafi 250