============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية او للاشتغال بدفع المرض تغفل عن ضبط القوة المتخيلة، فتتسلط على القوى فتركب صورا خيالية ترسمها في الحس المشترك على نحو ارتسام الصور فيه من الخارج بالإحساس حال اليقظة والصسحة فتدركها النفس وتشاهدها وتعتقد أنها وردت عليها من الخارج لاعتيادها بذلك (لا يقال ذلك) أي غلط النائم والمبرسم (بسبب لا يوجد) ذلك السبب (في حال اليقظة والصحة) قطعا فلا يقع فيهما الغلط أصلا (لأتا نقول انتفاء السبب المعين لا يفيد) لجواز أن يكون للغلط سبب آخر في اليقظة والصحة مغاير لما كان سبيا له في النوم والمرض (بل لا بد من حصر الأسباب) المقتضية للغلط حصرا عقليا لا يتصور له سبب خارج عنه (وبيان انتفائها) بأسرها (و) بيان (وجوب انتفاء المسبب عند انتفائها وكل واحد من) هذه (الثلاثة) التي لا بد منها في نفي الغلط من أحكام الحس (مما لو ثبت فبالنظر الدقيق) إذ كل واحد منها مما يتطرق إليه الشكوك والشبه بل حصر أسباب الغلط وبيان انتفائها بكليتها مما لا سبيل إليه اصلا (وأنه) أي ثبوت كل واحد من الثلاثة بالنظر الدقيق (ينفي البداهة) اي الضرورة عما يتوقف على ثبوتها أعني صحة الأحكام الحسية التي ادعيتم انها ضرورية وأيضنا لما توقف الجزم بالحكم الحسي على العلم بتلك الأدلة الدقيقة لم يكن مجرد حكم الحس مقبولا (والعجب ممن سمع هذا) الذي ذكرناه من أن انتفاء السبب المعين لا يفيد بل لا بد من الأمور الثلاثة إلى آخر ما قررناه (ثم اشتغل) في الأمثلة المذكورة (بيان أسباب الغلط) قوله: (بدفع المرض) ظاهر هذا الوجه يقتضي مشاهدة الصور الخيالية التي لا وجود لها في كل مرض، فالوجه عجز النفس عن ضبط المخيلة لكون الورم في محلها أو فيما يجاورها.
قوله: (لا يقال ذلك الخ) السؤال والجواب عام الورود في جميع وجوه الغلط، إلا أنه خصهما بهذا الوجه لكون سبب الغلط فيه ظاهرا معلوما لكل أحد، ثم وروده، إنما هو بالنظر إلى المتن، وأما على ما بينه الشارح بقوله إذ يجوز أن يكون للإنسان حالة الخ، فلا ورود له فلو ترك الشارح البيان المذكور، واكتفى على ما ذكره ها هنا بقوله : لجواز أن يكون للغلط الخ لكان أنسب.
قلت: ليس مراد المستدل أن الغلط فيما يرى في النوم غلط في رؤية الحس نفسها، بل أن الجزم في الحالين واحد، فلا يجد فيه تفاوتا فلما ظهر الخطا في الجزم الواقع في المنام، احتمل الجزم الواقع في اليقظة أن يكون خطأ أيضا، وتظيره ما سياتي من الاستدلال على عدم الوثوق بالبديهيات باحتمال النقيض في العاديات فليفهم.
قوله: (لا يقال ذلك الخ) الاعتراض وإن خص بقضية التائم، والمبرسم لكنه عام الورود، بان يقال : كل غلط بسبب لا يوجد في غير صورة الغلط والجواب الجواب.
Shafi 148