Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Nau'ikan
والجواب: أما ما رووه عن ابن عباس ومن بعده فلم يثبت عند أهل الحق، ولا نقبل ما رواه أهل الحشو في صفات الله وإن صح ذلك فليس فيه تصريح بما زعموه بل يمكن أن يحمل كلامهم على معنى المعرفة بالله، فقوله: رآه بعينه أو بعيني رأسه، معناه أنه علمه بالاستدلال عليه بالأدلة الظاهرة المنظورة بالعين، وأراد بالعين البصيرة لا الباصرة، وهي عند الحكماء في الدماغ، فذلك وجه قوله: بعيني رأسه، وهو إن كان بعيدا لابد منه عند صحة النقل حسن ظن بقائله. وأما قوله:إن عائشة لم تنف الرؤية بحديث، وإنما اعتمدت على الاستنباط، فجوابه: أن نفيها كان معلوما عندهم ومن ثم بالغت في الإنكار بقولها فقد أعظم على الله الفرية، وذلك غاية التكذيب، ثم أن ما رووه عن ابن عباس وغيره لم يرفعوه أيضا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بالهم قالوا فيه وإثبات هذا لا يأخذونه إلا بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أثبتوا رؤيته بنفس الظن والاحتمال، ولم يقولوا مثل ذلك في كلام عائشة مع أنه مطابق للكتاب العزيز، وفيه الحكم على قائل ذلك بالفرية العظيمة، مع أن هذا أيضا يحتاج إلى إثباته من السماع ثم أن عائشة رضي الله عنها قد صرحت أنها أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى الآية التي قالوا في تفسيرها ما قالوا؛ فهي تنقل في معنى الآية تفسيرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بالهم عدلوا عن ذلك وفسروها بالمنقول عن فلان وفلان تفسيرا لم يرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هروب من الواضح إلى المشكل ومن الصريح إلى الاحتمال فاعتبروا يا أولي الأبصار.<1/106>
قوله: «بالحديبية» بالمهملة والتصغير وتخفيف يائها وتثقل، بئر بقرب مكة على طريق جدة دون مرحلة، ثم أطلق على الموضع، ويقال بعضه في الحل وبعضه في الحرم، وهو أبعد أطراف الحرم على البيت، وقيل: سميت بشجرة جدباء هنالك.
Shafi 120