Sharh al-Fatwa al-Hamawiyya

Khaled Al-Musleh d. Unknown
81

Sharh al-Fatwa al-Hamawiyya

شرح الفتوى الحموية

Nau'ikan

ما اجتمع للنبي ﷺ من كمال بيان ونصح يبطل ما عليه المعطلة قال ﵀: [ومن المعلوم للمؤمنين أن الله تعالى بعث محمدًا ﷺ بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأنه بين للناس ما أخبرهم به من أمور الإيمان بالله واليوم الآخر. والإيمان بالله واليوم الآخر يتضمن الإيمان بالمبدأ والمعاد، وهو الإيمان بالخلق والبعث، كما جمع بينهما في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة:٨]، وقال تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان:٢٨]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ [الروم:٢٧] . وقد بين الله على لسان رسوله ﷺ من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما هدى الله به عباده وكشف به مراده. ومعلوم للمؤمنين: أن رسول الله ﷺ أعلم من غيره بذلك، وأنصح من غيره للأمة، وأفصح من غيره عبارة وبيانًا، بل هو أعلم الخلق بذلك وأنصح الخلق للأمة وأفصحهم، فقد اجتمع في حقه كمال العلم والقدرة والإرادة. ومعلوم أن المتكلم أو الفاعل إذا كمل علمه وقدرته وإرادته كمل كلامه وفعله، وإنما يدخل النقص إما من نقص علمه، وإما من عجزه عن بيان علمه، وإما لعدم إرادته البيان. والرسول ﵌ هو الغاية في كمال العلم، والغاية في كمال إرادة البلاغ المبين، والغاية في قدرته على البلاغ المبين، ومع وجود القدرة التامة والإرادة الجازمة يجب وجود المراد، فعلم قطعًا أن ما بينه من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر حصل به مراده من البيان، وما أراده من البيان فهو مطابق لعلمه، وعلمه بذلك أكمل العلوم. فكل من ظن أن غير الرسول ﵌ أعلم بهذا منه، أو أكمل بيانًا منه، أو أحرص على هدى الخلق منه؛ فهو من الملحدين لا من المؤمنين] . هذا الوجه أيضًا يضاف إلى الوجوه السابقة في بيان إبطال ما اعتمده هؤلاء من تأويل أسماء الله ﷿ وصفاته، فإن النبي ﷺ أخبر عن الله ﷿ خبرًا تامًا اجتمع فيه تمام العلم بالمخبر، وكمال المخبر من حيث البيان، وتمام إرادته للبيان، وهذه الصفات إذا توفرت في المخبر عن الشيء علم أن خبره من أصدق الأخبار؛ لاشتماله على العلم والقدرة على البيان وإرادة البيان. وقد سبق تقرير هذا في أول الرسالة، وأن التأويل غير مقبول في باب الأسماء والصفات؛ لأن الرسل إنما جاءت لبيان ما يجب لله ﷾ وجاءت بذلك مفصلًا، وقد صدقوا فيما أخبروا وصدقوا من الله جل وعلا في خبرهم، فدل ذلك على سلامة ما جاءوا به وصحته، وأن كل من سلك غير طريقهم فقد ضل ضلالًا مبينًا، وزاغ عن الطريق الذي يوصل إلى معرفة الله ﷾، وهذا الوجه واضح وسبق تقريره. والله تعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.

9 / 9