Sharh al-Arba'een al-Nawawiya by Atiyya Salim
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
Nau'ikan
علاقة الملائكة بالبشر
وكما أن الملائكة في الدنيا فهم كذلك في الآخرة، وقد بين الله سبحانه ارتباط مؤمني البشر بالملائكة كما في قوله سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [غافر:٧] الآية، وهذا نوع من الملائكة.
كما أن بعض المفسرين كـ القرطبي يذكر عند قوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر:٤]، قال: نوع من الملائكة مراقب على عامة الملائكة، وهنا يدخلون في فلسفة: هل الملائكة تحاسب وتسأل أم لا؟ وبعضهم يقول: والروح هو جبريل ﵇ ومنهم: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة:١٧]، وهذا نوع من الأنواع زيادة في ذلك اليوم والله أعلم.
ونحن نؤمن بما أخبرنا الله تعالى به، وأخبرنا به رسوله ﷺ: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [غافر:٧]، أي: يؤمنون بالله: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [غافر:٧]، برابطة الإيمان: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ [غافر:٧]، فهؤلاء الملائكة يدعون للبشر، ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ﴾ [غافر:٨]، إلى آخر السياق.
وهناك أيضًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [فصلت:٣٠-٣١]، ولاية وصداقة، ونصرة وتأييد من الملائكة للمؤمنين في الدنيا، وقد وجدنا ذلك فعلًا في غزوة بدر، حيث نزلت الملائكة وكانت تقاتل معهم.
ويوم القيامة: ﴿يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد:٢٣-٢٤]، فهؤلاء الملائكة أولياء للمؤمنين وتنزل عليهم في آخر لحظة، وهم طوائف عدة، ولا يعلم جنود ربك إلا هو، وعلى هذا: فالواجب على المسلم الإيمان بالملائكة على ما يريد الله من حقيقة ذاتياتهم.
6 / 6