Sharh al-Aqeedah al-Waasitiyyah by al-Ghunayman

Abdullah bin Muhammad Al-Ghunayman d. Unknown
70

Sharh al-Aqeedah al-Waasitiyyah by al-Ghunayman

شرح العقيدة الواسطية للغنيمان

Nau'ikan

فهم مراد المتكلم على حقيقته ليس تأويلًا وإن صرف النص من ظاهره السؤال يقول: هل تفسير القرب في قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:١٦]: بأنه قرب الملائكة تأويل وصرف للآية عن ظاهرها؟ الجواب ليس تأويلًا؛ لأن السياق يدل على أنهم الملائكة، ونحن نقول: لا يجوز للإنسان أن يأخذ اللفظ في جميع موارده على وتيرة واحدة، بل يجب أن ينظر في السياق والقرائن ودلائل الخطاب، ويعرف ما هو مراد المتكلم، فإذا تبين له مراد المتكلم فذاك هو الظاهر، فمثلًا: قوله جل وعلا: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ [البقرة:٢١٠]، نقول: هذا الإتيان هو إتيانه جل وعلا بنفسه حقيقة بدليل هذه الأمور المقترنة بهذا الخطاب: ذكر الملائكة، وأن هذا يوم القيامة حينما يجتمع الخلق، وذكر القضاء، وكون الأمور ترجع إليه: «وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ»، وغير ذلك من القرائن التي حُفت بهذا. أما إذا نظرنا إلى قوله جل وعلا: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾ [الحشر:٢]، فنقول: الإتيان هذا إتيان عذابه وجنده الذين سلطهم عليهم، وجنده هم رسوله والمؤمنون، أما هو جل وعلا لم يأتهم، وهذا يفهم من القرائن والسياق والحال، وكذلك قوله جل وعلا: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ﴾ [النحل:٢٦]، نقول: هذا من إتيان عذابه وهذا هو الظاهر، وليس هذا تأويلًا؛ لأن الله لا يأتي إلى الحيطان تعالى الله وتقدس، وإنما هو عالٍ على جميع خلقه. والمقصود: أن الإنسان يجب عليه أن يتفهم مراد المتكلم، فإذا تبين له مراده، فهذا هو الظاهر، وليس تأويلًا.

5 / 21