شرح الآجرومية - محمد حسن عبد الغفار
شرح الآجرومية - محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
أقسام الفعل
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي، هدي النبي ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
سبق وأن قسم المصنف الكلام إلى أقسام ثلاثة: اسم وفعل وحرف، والآن يبدأ الكلام عن الأفعال فقال: الفعل: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بزمان، سواء الزمن الماضي، أو زمن الحال، أو المستقبل.
تقول: قام يقوم قم، فقام: يدل على معنى القيام في الزمن الماضي.
ويقوم: يدل على ذلك إما في الحال أو الاستقبال.
وقم: يدل على المعنى في الاستقبال؛ لأن المخاطب يفعله استقبالًا.
إذًا الفعل الماضي: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بالزمان الماضي، كأن تقول مثلًا: جاء المعلم، رأيت زيدًا، مررت بزيدٍ فكل هذه أفعال ماضية.
وكما في قول الله تعالى في قصة هود عندما قال لقومه: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ﴾ [الأعراف:٨٩]، فالفعل الماضي في الآية هو: افترينا، وكذلك: عدنا، أصلها: افترى، وعاد.
وعلامات الفعل الماضي: أن يقبل تاء التأنيث الساكنة، أو تاء الضمير.
أي: أن يقبل تاء التأنيث وجوبًا إذا كان التانيث حقيقيًا؛ لأن المؤنث على قسمين: مجازي وحقيقي: فالحقيقي لا بد أن تأتي تاء التأنيث في فعله، تقول: طلعت البنت، أما المجازي: وهو الذي لا يلد مثل الشمس فتقول: طلع الشمس، وطلعت الشمس.
كذلك من علامات الفعل الماضي أنه يقبل تاء الضمير تقول: كتبت الدرس.
قال الله تعالى: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ [الواقعة:١ - ٢].
وقال تعالى: ﴿إِذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا﴾ [الواقعة:٤].
نلاحظ في الآيتين أن تاء التأنيث قد كسرت -مع أن الأصل فيها السكون- وذلك بسبب التقاء الساكنين.
والفعل المضارع: هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بزمان يحتمل الحال أو الاستقبال.
مثال ذلك: يجتهد المعلم، يدرس الأستاذ، يجيء الفتى، يتعلم الفقيه، كل هذه أفعال مضارعة تدل على الحال أو الاستقبال.
وللمضارع علامات، فمن علامات المضارع: أن يقبل السين وسوف ولن ولم.
قال الله تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:٤]، فالكلمات: يلد، يولد، يكن، كل هذه أفعال مضارعة؛ لأنها قبلت لم.
وأيضًا قوله تعالى: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ﴾ [طه:٩١]، فكلمة: (نبرح) قبلت لن، فالكلمة إذا قبلت لن أو لم أو سوف أو السين، فهذا يدل على أنها فعل مضارع.
والفعل المضارع له أحكام باعتبار أوله وآخره.
أما باعتبار أوله: فإن الفعل المضارع لا بد أن يكون مسبوقًا بأحد هذه الحروف المجموعة في كلمة أنيت أو نأيت، وهذا الحرف قد يكون مفتوحًا أو مضمومًا.
وحتى نعرف متى يكون مفتوحًا، ومتى يكون مضمومًا فإننا ننظر إلى ماضي الفعل: فإن كان ماضيه رباعيًا فإنه يكون مضمومًا، كقولك: يقاتل؛ لأن ماضيه: قاتل: أما إذا كان ماضيه ثلاثيًا أو خماسيًا أو سداسيًا فإنه يكون مفتوحًا، كأن تقول: يضرب، فإن ماضيه ضرب، ويضطرب، ماضيه اضطرب.
وكذلك نقول مثلًا: إن الفرق بين يضرب ويُضرِب -بكسر الراء- هو أن الأول ماضيه ضَرَب، والثاني ماضيه أضرب.
أما فعل الأمر: فهو ما دل على طلب وقوع الفعل من الفاعل مستقبلًا، بغير اقتران لام الأمر، كأن تقول: اجتهد، قم، تعلم، كل، اشرب، كما قال الله تعالى: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا﴾ [مريم:٢٦].
12 / 2