62

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Mai Buga Littafi

دار القمة

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

الإسكندرية

Nau'ikan

الشاهد في الحديث قول النبي ﷺ: «إن عبدا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده»، وقد حضرت عائشة ﵂ واقعة التخيير، لما ثبت عند البخاري عن عائشة قالت: كنت أسمع أنّه لا يموت نبيّ حتّى يخيّر بين الدّنيا والآخرة، فسمعت النّبيّ ﷺ يقول في مرضه الّذي مات فيه وأخذته بحّة يقول: «مع الّذين أنعم الله عليهم» ... «١» الآية فظننت أنّه خيّر. بعض فوائد الحديث الفائدة الأولى: في الشمائل النبوية: ١- علو منزلة النبي ﷺ وكذا إخوانه من الأنبياء- عليهم جميعا الصلاة والسلام- ويظهر ذلك في تخييرهم قبل الوفاة، بين الدنيا والآخرة، ودليل اشتراكهم جميعا في ذلك، قول عائشة، ﵂: (كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة) ولفظ «نبي» نكرة في سياق النفي فيقتضي العموم. ٢- تواضع النبي ﷺ حيث قال: «إن عبدا» ولم يقل: نبيّا ولا رسولا، بل أتى بلفظ «عبد» نكرة، وقد مر أكثر من مرة شرف مقام العبودية لله، ﷿، وأنها أسمى المقامات. ٣- زهد النبي ﷺ في الدنيا وتقديمه جوار الله ﷿ على البقاء في الدنيا، مع أن هذا التخيير لم يقع على الدنيا بما فيها من أفراح وأتراح، مقابل الآخرة، بل وقع التخيير بين ما يختاره النبي ﷺ لنفسه من زهرة الدنيا- أي ما يشاء من صحة وعافية ومال وبنين، ويكون كل ذلك بلا هموم ولا غموم ولا أمراض ولا أسقام؛ لأن الإنسان لا يختار لنفسه إلا كل ما يسعده ويفرحه- وبين ما عند الله ﷾ فاختار النبي ﷺ ما عند الله، وذلك من كمال زهده وتمام حكمته وشوقه إلى لقاء ربه. يتفرع على ذلك، أن ما عند الله، جل وعلا، هو خير وأبقى وأكمل للعبد المسلم، من دنيا فاز فيها بكل مرغوب، ونجا فيها من كل مرهوب، فإن وجدت مثل هذه الدنيا، وهو من أمحل المحال، فلا يفضلها عبد مؤمن على ما عند الله، من مساكن عاليات وأنهار

(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب: مرض النبي ﷺ ووفاته، برقم (٤٤٣٥) .

1 / 67