وبعد الحرب العالمية الثانية سطع نجم بورهوس فريدريك سكينر نبي فلسفة التربية وتكنولوجيا السلوك الاجتماعي وخليفة بيرس في تثبيت عقيدة الدولة. ونراه يقدم فكره لرجال السلطة - أو للدولة - ويقول كمثال ما يصدق في رأيه محليا وعالميا:
الأقوى هو الغالب وصاحب الحق والحرية.
البقاء للأصلح؛ أي للأقوى .. هذا هو قانون الطبيعة وهي طبيعة حمراء الظلف والناب.
ويبشر أو يبرر هيمنة الثقافة الأمريكية إذ يقول: «إذا كان الإنسان قد خرج من الصراع وهو سيد الأنواع، فلماذا لا نتطلع إلى سلالة بشرية تكون سيدة السلالات (طبعا يقصد هنا الجنس الأبيض الأنجلوساكسوني). وإذا كانت الثقافة تطورت بعملية مماثلة فلماذا لا نتطلع إلى ثقافة سيدة الثقافات؟»
ويصدر كتابا يوجز عنوانه موقفه وموقعه من الأيديولوجيات المدافعة عن الحريات والكرامة؛ إذ العنوان «بعيدا عن الحرية والكرامة لأنهما وهم».
ومضت السنون بعد الحرب العالمية الثانية تخللتها بعض الانتصارات السيادية الأمريكية ضد حركات الثقافة المناهضة، وتخللتها استعراضات عضلية عسكرية ضد البلدان العاصية. ولكن لم يحل هذا دون اعتمال وتخمر عوامل سلبية أخرى تنذر بتعقد الأوضاع في نظر السلطات الأمريكية. وأضحت الولايات المتحدة تعاني من مشكلات على الصعيدين المحلي والعالمي. ما بين صراعات اقتصادية وثقافية وسياسية بين أوروبا القارة وبين الولايات المتحدة الأمريكية وما بين منافسة قائمة أو محتملة ومنذرة بين بلدان آسيا (اليابان، الصين، سنغافورة، كوريا الجنوبية، ماليزيا، وغيرها). ونذكر هنا ما قاله وزير الثقافة الفرنسي عام 1999م عن الغزو الثقافي الأمريكي إذ وصف ديزني لاند باريس بأنها «مفاعل تشيرنوبل الثقافي». ونذكر أيضا ما صرحت به مارجريت تاتشر عن احتمالات نمو الاقتصاد الياباني: «إنها لكارثة حقيقية، إذا ما نما الاقتصاد الأمريكي، كما تنبأ له البعض، على نحو أبطأ من الاقتصاد الياباني في التسعينيات؛ إذ سيؤدي هذا إلى تحول الميزان من واشنطن إلى طوكيو.» «بول كينيدي، الإعداد للقرن 21 ص297».
بدأت تتجمع عناصر معارضة عالمية مستقبلية للولايات المتحدة من ذلك: (أ)
الاتفاقات بين روسيا والصين. (ب)
محاولة اليابان والصين إنشاء صندوق نقد دولي مواز لصندوق النقد الذي تهيمن عليه أمريكا. (ج)
الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 1999م أعلن عن تشكيل قوة «الردع السريع» قوامها 60000 جندي تحت قيادة أوروبية خالصة. إنها بذرة جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة.
Shafi da ba'a sani ba