57

Degénération » لمؤلفه الطبيب الكاتب الألماني ماكس نورداو

Nordau

يقرر فيه أن أخلاق الجيل تنم حقا على انحلاله واضمحلاله، ولكنه يستدل بذلك على أول العلامات في نظره وهو تفسيرهم عيوب الأخلاق والآراء بنهاية القرن؛ إذ كانت نهاية القرن رقما من أرقام الحساب لا ارتباط بينه وبين الواقع ولا أثر له في تدهور النفوس أو تقدمها، وإنه لرقم يدل على الانتهاء في حساب التقويم الميلادي يقابله رقم يدل على الابتداء في التقويم الهجري، وقد يقابلهما رقم يدل على التوسط في التقاويم الأخرى، ولا يقال من أجل ذلك إن العالم يحبو في طفولته أو يدب إلى شيخوخته أو يعتدل في عنفوان الكهولة والاستواء، ثم استطرد الكاتب الطبيب إلى المقابلة بين أدباء العصر ومن تقدمهم من الأدباء الأقدمين والمحدثين، فقال إنها مقابلة بين المرض والصحة وبين الانحراف والطبيعة المستقيمة، واتخذ شواهده من أبطال شكسبير مستندا إلى حقائق الطب والأدب، فقال - فيما قال - إننا نستطيع أن نتحرى أعراض هوس الاضطهاد وأعراض العته - مثلا - من «شخصية» هملت وشخصية لير، كما نتقراها من الشخصيات الحية التي تروح وتغدو بيننا في معترك الحياة. •••

وتقدم العلم في القرن العشرين تقدما حثيثا في البحوث النفسية وتطبيقاتها على الفن والأدب، وكلما نجحت نظرية منها طبقها النقاد على شخوص شكسبير كما يطبقونها على شخوص الطبيعة، واستعانوا على توضيح النظرية بهذه المقابلة بين الشخوص التي اعتبروها بمنزلة واحدة من الصدق والمطابقة، وكان فرويد - إمام النفسانيين - في أوائل القرن أحد الذين اعتمدوا على هذه المقابلة في توضيح فكرته عن العلاقة بين الوعي الباطن وفلتات اللسان، بما اقتبسه من الشاعر الألماني شيلر، ومن شكسبير.

وجاء العالم النفساني أرنست جونس

Jones ، فألف كتابه المشهور عن سر هملت وعقدة أوديب وشرح فيه أعراض هذه العقدة في المصابين بها، فكان خلاصة رأيه أن تصرف هملت يطابق تمام المطابقة تصرف الغيور الذي يتردد في الانتقام من غريمه؛ لأنه يكره أن يصارح نفسه بسبب غيرته، وأنه كان يحس أن يمقت عمه لسبب آخر غير قتله لأبيه، وهو مزاحمته إياه في حب أمه، فلا يندفع إلى قتله لأنه لا يملك إرادته التي شلها هاجس الإثم في أعماق سريرته، وأوفى وأحدث من هذا البحث كتاب إيلا شارب الذي ظهر في سنة 1950 عن وجهة نظر التحليل النفساني في شكسبير

4

فإنه ألم بشخوص أخرى على هذا النحو، تصدق فيها فروض علم النفس على شخوص شكسبير كما تصدق على الأحياء.

وقد التفت فريق من علماء النفسيات المتخصصين لدراسة الجريمة إلى وجوه الشبه بين الحوادث التي تجري في الواقع والحوادث التي تمثلها مسرحيات شكسبير، وقسموا حوادث الإجرام إلى عناصر، أو أركان تتم بها الجريمة من دور النية إلى دور التنفيذ، فأدهشهم أن تتوافر هذه الأركان في حوادث الواقع وحوادث المسرحيات على وتيرة واحدة، وأن يلاحظ الشاعر عناصر تكوين الجريمة من الوجهة النفسية عفوا على البديهة، كأنه يتقراها ركنا ركنا كما ظهرت للمحققين فيها والمعقبين عليها.

ومن العلماء الذين التفتوا إلى تحقيق هذه المشابهات الدكتور فردريك ورثام

Shafi da ba'a sani ba