103

Brandes

الناقد الدنمركي الذي كان ميزانه في النقد - ولا سيما نقد شكسبير - أشهر الموازين في القارة الأوروبية إلى ما بعد وفاته في سنة 1927 يعتقد أن شكسبير ينزع منزع العلية في آرائه الاجتماعية، ويسيء الظن بروح الجماعة، ويعرض الغوغاء في صورة مزرية كلما صور حركة من حركاتهم في مواقف الشغب والهياج.

والأستاذ لورنز إكهورف النرويجي

Lotentz Eckhorf

يذهب إلى الطرف الآخر فيقول إن الشاعر كان لسان الطبقة الثالثة ويؤلف في تفصيل ذلك كتابا سماه شكسبير مدره الطبقة الثالثة:

Shakespeare. Spokesman Of the third Estate

ويبين فيه أن الشاعر لم ينظر قط في رواياته نظرة الرضا بالسلطان القائم، وأنه في حكم الثائر الدائم على كل حالة ينكرها الثائرون ويعملون لتغييرها، ولا ينفي الناقد النرويجي تصوير الشاعر لهياج الغوغاء في صورته المزرية، ولكنه يعود إلى الأفراد من الدهماء حيثما صورهم شكسبير في رواياته، فيستخلص منها دلائل العطف - بل العطف الكبير - على كل فرد منهم، ويذكر - على سبيل المثال - شخصية آدم في رواية كما تهوى، وشخصية الخادم في رواية تيمون الأثيني، وهو الذي ثبت وحده على سجية الوفاء والأمانة بين أهل المدينة.

فلو بحثت معركة الطبقات عن علم تدور عليه لم تكد تعثر في البلاد الإنجليزية بعلم أوفق لها من اسم هذا الشاعر في سمو مكانته واتساع أفقه وإحاطة جوانبه بأطراف المعركة من أقصاها في اليمين إلى أقصاها في اليسار.

فلا جرم يخطر على الأفكار المشغولة بالصراع بين الطبقات في العصر الحديث أن الحملة على شكسبير قد انبعثت كلها من غرضها الاجتماعي - أو السياسي - ولم يكن لها باعث من بواعث النقد الأدبي وموازين الشعر والثقافة.

ولا سبيل إلى الفصل الحاسم بين الغرضين في الواقع، فإن المعركة الاجتماعية - ولا ريب - قد كان لها أثرها في توجيه الأنظار وإثارة الأفكار التي لا تثيرها معارك الأدب الخالص في جميع الأوقات ولا تجتذبها إليها بغير حافز من حماسة الجدل في مسائل الاجتماع والسياسة، أما أن تكون الحملة بحذافيرها من توليد الدعوة السياسية فهو تخمين لا سند له من الواقع، بل ينقضه الواقع عند استقصاء تاريخ الحملة والرجوع بها إلى بداءتها في القرن الثامن عشر، قبل احتدام النزاع على حقوق الحكم وحقوق الانتخاب.

Shafi da ba'a sani ba