Bishiya Da Ke Girma a Brooklyn
شجرة تنمو في بروكلين
Nau'ikan
أسمع فيه الزنوج يغنون بصوت عذب خفيض.
إني لمشوق أن أمثل هناك حيث ألاقي من ينتظرني، في منبسط يزهر فيه نوار القطن.
وقبلت فرانسي خده في رفق وهمست: أبتاه! إنني أحبك حبا شديدا.
وضمها إليه بقوة، وأحس مرة أخرى بشيء يحز في قلبه، وراح يردد مرة أخرى في ألم مبرح لا يكاد يحتمل! «رباه! رباه! ما أشقاني من أب!»، ولكنه حين عاود الحديث معها تكلم في هدوء، وقال: ألم تفرغي من كي الفوطة بعد هذا كله؟ - «لقد انتهيت من كيها يا أبي.» وطوتها في عناية أربعا. - هل في البيت أي مال يا طفلتي؟
ونظرت في الفنجان المشدوخ القائم على الرف، وقالت: توجد قطعة من فئة البنسات الخمسة وبعض الفكة. - هل لك أن تأخذي سبعة سنتات وتذهبي لتشتري لي صدرية وبنيقة من الورق؟
وذهبت فرانسي إلى مخزن المنسوجات لتشتري لأبيها صدرية ليلة السبت، وكانت الصدرية قميصا أماميا صنع من «الموسلين» المنشى الصلد، تربط حول الرقبة بزرار للعنق، ويثبتها الرداء في مكانها، وكانت تلبس بدلا من القميص، مرة واحدة ثم تنبذ، ولم تكن بنيقة الورق قد صنعت حقا من الورق، وإنما سميت على هذا النحو ليفرقوا بينها وبين بنيقة السليلوز التي كان يلبسها الرجال الفقراء؛ لأنها كانت تنظف بسهولة بمسحها بخرقة مبللة، وكانت بنيقة الورق تصنع من قماش القمبري الرفيع بعد أن ينشى، حتى يصبح صلدا وحتى تستعمل البنيقة مرة واحدة فحسب.
وحينما عادت فرانسي وجدت أباها حلق ذقنه وبلل شعره، ولمع حذاءه، وارتدى قميصا داخليا نظيفا لم يكن مكويا وبه ثقب كبير من الخلف، ولكن رائحته كانت طيبة، تدل على نظافته، ووقف على أحد المقاعد وأخذ صندوقا صغيرا من أعلى رف في الصوان، وكان يحتوي على أزرار القميص اللؤلئية التي أعطتها له كاتي هدية بمناسبة عيد زواجهما، وقد كلفتها مرتب شهر كامل، وكان جوني جد فخور بها، ولم تكن هذه الأزرار ترهن أبدا مهما تأثرت حال أسرة نولان.
وساعدته فرانسي على تثبيت الأزرار في الصدر، وربط طرف البنيقة بزرار مذهب، وهو هدية هيلدي أودير التي أعطتها له قبل أن يخطب كاتي، وإنه لا يتخلى عن تلك الهدية أيضا، وكانت ربطة عنقه قطعة من الحرير الأسود الثقيل، كان يربطها بمهارة فائقة، وكان الندل الآخرون يلبسون ربطة العنق الجاهزة التي تثبت بالمطاط، ولكن جوني نولان لم يكن ليفعل ذلك، وكان الندل الآخرون أيضا يلبسون قمصانا غير ناصعة البياض، أو قمصانا بيضاء كويت بغير عناية، ويرتدون بنيقات مقواة بالباغة، ولكن ليس هذا شأن جوني نولان، كانت ملابسه نظيفة ناصعة حتى ولو كانت تلبس إلى حين ثم تنبذ.
وأخيرا فرغ من ارتداء ملابسه، وكان شعره المتموج الأشقر يلمع وتنبعث منه رائحة عطرة من أثر الاغتسال والحلاقة، وارتدى معطفه وزرره في تأنق، وكانت قلبة بذلة السهرة المصنوعة من الساتان بالية، ولكن من ذا الذي ينظر إليها والحلة تناسبه كل المناسبة، وكذلك ثنية السروال منتظمة كل الانتظام، ونظرت فرانسي إلى حذائه الأسود الذي لمع بعناية، ولاحظت كيف يتدلى السروال الذي لا ينتهي بثنية من الخلف على الكعب، وكيف يصنع كسرة جميلة على رسغ القدم، وهيهات أن تتدلى سراويل غيره من الآباء على هذا النحو، كانت فرانسي فخورا بأبيها، ولفت بعناية فوطته المكوية بقطعة من الورق النظيف ادخرتها لهذا الغرض.
وسارت معه حتى عربة التروللي، وكانت النساء يبتسمن حين يلاحظن البنت الصغيرة التي تتعلق بيده، وبدا جوني كفتى أيرلندي وسيم لا يحمل مثقال ذرة من الهم كزوج لامرأة عادية وأب لطفلين جائعين على الدوام.
Shafi da ba'a sani ba