89

Watan Zuma

شهر العسل

Nau'ikan

وقال الزوج: ستوجه التهمة إلينا نحن!

وتساءل الصديق: أيمكن التخلص من الجثث؟ - وكيف نتخلص من جثث أربع عمالقة؟

فأجاب العجوز متطوعا: ولكنه لا حل لديكم سواه.

وتحولت إليه الأعين مستطلعة ومستغيثة معا، فقال: طالما أبديت استعدادي لأداء أي خدمة تطلب مني، وها أنا أعتبر هذا العمل من اختصاصي.

وأعرض عنهم متجها نحو الجثث حتى أطل بقامته عليها. مد يده إلى الجثة الأولى. رفعها ثم طرحها على كتفه اليسرى وكأنه يرفع قشة! رفع الجثة الثانية فوضعها فوق الأولى بالسهولة نفسها. كذلك حمل الجثتين الأخريين على كتفه اليمنى كأنه كان يتسلى بلعبة محببة دون عناء، وكأنه استجد لنفسه شبابا أسطوريا بمعجزة، وقال بهدوء: افتحوا الباب!

ومضى بحمله بأقدام ثابتة وفي غير جهد وفيما يشبه المرح، والجميع يتابعونه بأعين ذاهلة، وظلوا في وقفتهم كالمنومين حتى أفاق الزوج فأقبل على الطبيبة وهو يقول: أنت وحدك تستطيعين أن تعيدي العقول المتطايرة إلى مستقرها الآمن في الرءوس.

نافذة في الدور الخامس والثلاثين

مد ساقيه مستسلما لطراوة الفوتيل. شعر بشيء من الجهد في نهاية نهار حافل بالنشاط. أضاء الخادم العجوز مصابيح البهو وألقى نظرة أخيرة على البار والمائدة الشهية، ثم هم بالذهاب، ولكنه قال له: أطفئ النور حتى يأتي المدعوون.

فصدع العجوز بالأمر وذهب. أما هو فقد غاب هيكله النحيل في ظلمة المغيب، ومضى يرنو من خلال النافذة في الجدار المقابل إلى المقطم وراء النيل والحقول وشرقي المدينة، وقال لنفسه: عيد ميلاد جديد، سبع شمعات رمزية، ما أكثر الأعوام وما أقل من بقي من الأصدقاء!

وأغمض عينيه وهو يتمتم: ترى ما عدد الأرغفة التي التهمتها؟ وعدد الخراف والعجول؟ والأفدنة من الخضروات والبقول؟ والأمواج من مياه النيل؟ والسعرات الحرارية التي استهلكت في اللعب والعمل؟

Shafi da ba'a sani ba