وفتح الباب تحت وقع دفعات الشاب القوية، فاجتاح الهتاف الساحة كالانفجار. ولم يتردد الشاب فدخل متلمسا طريقه بيديه حتى اختفى عن الأنظار. وساد صمت. صمت عميق شامل. تركزت الأرواح في الأعين المستطلعة. انعدم الزمان والمكان. وإذا بصيحة تند عن الداخل. ثم ظهر الشاب في الباب وهو يترنح. رفع يديه صوب السماء وهتف: أشهد الله أني أرى! .. أشهد الله أن بصري رد إلي!
وقلب عينيه في وجوه الذاهلين الصامتين وصاح: أرى الضياء، أرى الناس، أرى السماء، وقد رأيت الروح! - الروح! - تجسدت لعيني في صورة فتاة ترسف في الأغلال! - الله أكبر ... الله أكبر. - فككت أغلالها بمشيئة الله! - الله أكبر ... الله أكبر. - وهي تقطر بهاء وجلالا وجمالا ... - الله أكبر ... الله أكبر. - وبإذن الله سوف تظهر للأعين المؤمنة!
ووثب الشاب نحو الجمهور، فوقف في مقدمته مستقبلا باب الضريح. وساد الصمت مرة أخرى. وتطلعت الأعين نحو الباب في لهفة عارمة. وفي خطوات وئيدة مترددة ظهرت الفتاة. ظهرت وهي تنظر إلى الجمهور في ذهول. تعالى الهتاف من الأعماق وركع الجميع في خضوع: الله أكبر. - الله قادر على كل شيء. - يا له من جمال! - يا له من بهاء! - ما لا عين رأت ...
وحان من البعض التفاتة نحو الرجال الثلاثة الواقفين، فصرخوا فيهم أن يركعوا فاضطروا إلى الركوع اتقاء للغضب.
وصاح الشاب: إني خادمك منذ الساعة وإلى الأبد.
واستبقت أصوات الجمهور في خشوع: رعايتك للغائب. - رحمتك بالمريض. - كرمك للكادح الفقير. - غضبك على الظالمين.
نظرت الفتاة فيما حولها بذهول وتساءلت: أين أنا؟
فقال الشاب : من السماء هبطت إلى أرضنا التعسة ... - ماذا أرى؟ - أناس طيبون جمعتهم المعجزة بعد أن فرقتهم الهموم. - إني أشعر بدوار. - إنه دوار من يرثي لحالنا. - كادوا يكتمون أنفاسي! - الويل للأشرار حيث كانوا وحيث يكونون. - اغتصبوا الحلي بلا رحمة. - جواهرك للطيبين لا للمغتصبين. - أريد الحلي. - ليجد كل مؤمن بك بمكنون جواهره.
انتهز الرجال الثلاثة فرصة انهماك الجمهور، وأخذوا يتزحزحون عن مواقعهم بغية الهرب، ولكن عيني الفتاة وقعتا على الولي وخادم الضريح، فأشارت نحوهما هاتفة: المجرمان!
انقض رجال على الرجلين فدفعوهما أمامهم حتى خرا أمام الفتاة، سألت الفتاة: أين الحلي؟
Shafi da ba'a sani ba