هوى كاسر كفي وقوسي وأسهمي
ثم يرمي بآخر قناع فيقول وكأنه يخاطب ابن حمدان:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
وأعجب من ذا الهجر الوصل أعجب
أما تغلط الأيام في بأن أرى
بغيضا تنائي، أو حبيبا تقرب؟
عشية أحفى الناس بي من جفوته
وأهدى الطريقين التي أتجنب
أتعرف يا مولانا من أحفى الناس به؟ هو ابن حمدان، وهل يعرف مولانا أهدى طريقيه التي يتجنبها؟ هي طريق حلب. - ويل للمرائي الفاجر؟ لقد كنت أظن أن الإنسان عبد الإحسان، ولكن يظهر أن من الناس من تطغيهم النعمة، وتبطرهم المودة، وكل هذا الشعر لا يساوي عندي هذه الذبابة الحائرة فوق زجاج النافذة، فإني لا آبه له، ولكن الذي يهمني حقا تلك المؤامرة التي ينسج خيوطها مع فاتك. خذ حذرك يا أبا بكر، وابعث جواسيسك حول الفيوم، وفي حواشي الصحراء، واجعل على كل عابر عينا حتى لا يمر طائر بين البلدين إلا عرفته. أما أنا فسأظهر للشاعر كأنني لا أعلم شيئا، وسأبالغ في إكرامه حتى تهدأ نفسه ويطمئن، فإننا نخشى أن يفلت من أيدينا، ومن الحكمة أن نعتقله من حيث لا يشعر، وأن نجعل له قيودا من الذهب لا من الحديد. إنه لو فر منا كما فر من ابن حمدان الأحمق؛ لملأ الأرض بهجائنا، ولأصبح اسم كافور سبة الأبد، وأضحوكة الأجيال. ابسط له وجهك يا ابن الفرات، وانثر الحب لطائرك حتى يقع في الفخ.
وما كاد يتم عبارته حتى دخل الحاجب يقول: إن المتنبي يطلب مقابلة مولانا. فالتفت كافور إلى وزيريه وهو يغمز بعينه في ابتسامة ماكرة، وقال. دعه يدخل.
Shafi da ba'a sani ba